وجملة ما سبق فيما يتعلق بإثبات العرش لله عز وجل وإثبات الكرسي أمر ثابت بالنصوص المتواترة، والشارح رحمه الله أورد حشداً من النصوص وأورد الأشعار والأدلة الأخرى وبعض أقوال أهل العلم كذلك؛ لرد أقوال أهل الكلام الذين تبعوا الفلاسفة فأنكروا الكرسي والعرش أو أولوهما، ولا شك أن المؤول ليس معه أي دليل على التأويل، والنصوص -سواء الآيات والأحاديث الثابتة- كلها تجتمع على ضرورة القول بأن الكرسي والعرش لهما حقيقة، وتأويلهما بأمور معنوية -سواء بالملك أو العلم أو غير ذلك مما ذكره المؤولون- لا يصح، إلا إذا كان من باب التفسير باللوازم، يعني: التفسير ببعض المقتضيات، وأعني بذلك أنه قد يصح أن نقول: من لوازم الإيمان بالعرش أو الإيمان بالكرسي الإيمان بعلم الله عز وجل، وبفوقيته، وبأنه بكل شيء محيط، وبعلوه سبحانه، فهذا من اللوازم الضرورية، وكذلك الإيمان بالملك وأن الله مالك كل شيء إلى غير ذلك من المعاني التي تلزم من إثبات العرش والكرسي.
إذاً: فما قد يرد عن بعض السلف من كلمات تفهم التأويل -كما ورد عن ابن عباس - هو من باب التفسير باللوازم، لا تأويل الحقيقة؛ فإن السلف يؤمنون بحقائق أسماء الله تعالى وصفاته وأفعاله، وسائر الأمور الغيبية التي منها العرش والكرسي.
إذاً: فهذه النصوص -كما ترون- متواترة على أن العرش والكرسي لهما وجود حقيقي، وتفسيرهما بأمور معنوية لا يصح أبداً وليس عليه أي دليل.