الجمع بين ثبوت مشيئة العبد واختياره وبين ما ورد في تقليب الرحمن قلوب عباده

Q هل يتنافى ما ذكرت من أمر القدر وأن العبد له مشيئة واختيار مع حديث: (قلوب العباد بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)؟

صلى الله عليه وسلم ليس هناك تناف، فالله عز وجل يفعل في خلقه ما يشاء، وتقليب قلوب العباد قد يكون من باب الجزاء على عمل، فقد يجعل الله ذلك من باب الجزاء على العمل، ومع ذلك فالله يفعل في عباده ما يشاء، لكن هذا لا يتنافى مع أن الله جعل كل مكلف ميسراً لما خلق له، فمن عمل صالحاً فسيجرى به، ومن عمل غير صالح فسيجزى به، فكون القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء لا يتعارض مع كون العباد أمروا بأن يفعلوا الإسلام، فقد يكون تقليب قلوب العباد إلى الخير والشر مبنياً على ما قدره الله وما يسره للعبد من ذلك، فلا تنافي.

ولذلك ينبغي للعبد دائماً أن يدعو الله عز وجل بأن يهديه وأن يثبته على الحق والاستقامة ويميته على الإسلام، والنبي صلى الله عليه وسلم المعصوم الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كان يقول: (يا مقلب القلوب! ثبت قلبي على دينك)، وهذا فيه أشار أن الأمور كلها راجعة إلى الله عز وجل، وأنه يفعل بعباده ما يشاء، وأنه لا أحد يتألى على الله عز وجل في ملكه.

المهم أنه لا تعارض بين هذا وذاك، إنما هذا فيه أمر للعباد بأن يلجئوا إلى الله عز وجل، ويدعوه، ويسألوه بالتثبيت والعصمة من الزلل.

والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015