قال رحمه الله تعالى: [فإن قيل: كيف يريد الله أمراً ولا يرضاه ولا يحبه؟ وكيف يشاؤه ويكونه؟ وكيف يجتمع إرادته له وبغضه وكراهته؟ قيل: هذا السؤال هو الذي افترق الناس لأجله فرقاً وتباينت طرقهم وأقوالهم، فاعلم أن المراد نوعان: مراد لنفسه، ومراد لغيره].
المراد لنفسه كالشفاء من المرض على سبيل المثال، والمراد لغيره كالعلاج الذي هو وسيلة إلى الشفاء، فالشفاء من المرض مراد لنفسه.
والدواء قد لا يكون مقصوداً لذاته، إنما المقصود به الوصول إلى غاية أخرى وهي الشفاء.
قال رحمه الله تعالى: [فالمراد لنفسه مطلوب محبوب لذاته وما فيه من الخير، فهو مراد إرادة الغايات والمقاصد.
والمراد لغيره قد لا يكون مقصوداً للمريد ولا فيه مصلحة له بالنظر إلى ذاته، وإن كان وسيلة إلى مقصوده ومراده؛ فهو مكروه له من حيث نفسه وذاته، مراد له من حيث إفضائه وإيصاله إلى مراده، فيجتمع فيه الأمران: بغضه وإرادته، ولا يتنافيان لاختلاف متعلقهما.
وهذا كالدواء الكريه إذا علم المتناول له أن فيه شفاءه، وقطع العضو المتآكل إذا علم أن في قطعه بقاء جسده، وكقطع المسافة الشاقة إذا علم أنها توصل إلى مراده ومحبوبه.
بل العاقل يكتفي في إيثار هذا المكروه وإرادته بالظن الغالب وإن خفيت عنه عاقبته، فكيف بمن لا يخفى عليه خافية؟!]