Q ذكرت في الكلام عن الشفاعة الدنيوية أنواعاً، منها ما يتعلق بالتوسل، ومنها ما يتعلق بالتبرك، ومنها ما يتعلق بالشفاعة، فنرجو توضيح ذلك؟
صلى الله عليه وسلم الشفاعة في الدنيا تختلف مفاهيمها عند الناس، فمنهم من يدخل في الشفاعة في الدنيا التوسل بالأشخاص الأحياء والأموات ويعدها شفاعة مشروعة، أو يسميها شفاعة مع أنها لا تدخل في باب الشفاعة إلا تجوزاً.
ومنهم من يدخل ما يتعلق بالتبرك، وهو التبرك بالأشخاص، فبعض الناس يقول: إنها التبرك بفلان من الناس.
أي: طلب البركة منه والتمسح بذاته، بجسمه، والتعلق بأشيائه، كما يحصل من الصوفية المبتدعة الآن يتعلقون بكل ما يتصل بالأولياء وما فيهم وما حولهم، فيتبركون بثيابهم، وبأجسامهم، وبفضلاتهم، وبكل شيء، ويقولون: هذا تبرك، ويدخلونه في الوسيلة المشروعة، يزعمون أنه من باب الوسيلة التي أمر الله باتخاذها، وأيضاً يدخلونه في مسمى الشفاعة.
ومما يتعلق بالشفاعة الشفاعة عند الله عز وجل، فالشفاعة عند الله عز وجل منها ما هو ممنوع، باتخاذ الوسائط، وكذلك الشفاعة يوم القيامة ممن لا يرضى الله عنهم ولا يرضى لهم الشفاعة.
وأما حديث: (شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط)، فقد اختلف فيه أهل العلم، وليس هناك تفسير قاطع لمعنى هذا الحديث، فمنهم من قال: (لم يعملوا خيراً قط) بمعنى: أنهم ممن أسلموا ثم ماتوا قبل أن يتمكنوا من العمل.
لكن هذا منقوض بأن هؤلاء يكونون من أهل الجنة ولا يدخلون النار؛ لأنهم ماتوا على توحيد الله، والإسلام يجب ما قبله.
ومنهم من قال: إن المقصود به أن الله عز وجل يخرج من الناس بعثاً ليس لهم أعمال صالحة إطلاقاً.
وهذا هو الراجح، وفيه إثبات أن الأمور بيد الله عز وجل، وأن العباد لا يحكمون على أحد معين بأنه في جنة أو نار، وهذا يستثنى من القواعد العامة التي فيها تحقيق الوعيد وتحقيق الوعد؛ لأن الله عز وجل فعال لما يريد، فمما سيفعله عز وجل هذا الأمر، وهو أنه يخرج من الناس بعثاً لم يعملوا خيراً قط، وذلك راجع إليه سبحانه.