وأما الشفاعة من حيث الأنواع فمنها ما هو مطلق ومنها ما هو مقيد: فالشفاعة المطلقة هي ما ثبت من أن جميع الأنبياء، وكذلك طوائف من المؤمنين، وكذلك جميع الرسل والملائكة يشفعون لطوائف من أهل التوحيد غير مسمين، ولا يعرف أحد منهم بعينه.
والشفاعة المقيدة منها ما قيد بالنوع ومنها ما قيد بالشخص، أما الشفاعة المقيدة بالنوع فشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الكبائر من أمته، وأما الشفاعة المقيدة بالأشخاص فإنا لا نعرف منها إلا ما ورد من شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب بأن يخفف عنه من العذاب.
وكذلك بالنسبة للشافعين، فمنهم شفعاء غير معينين، ومنهم شفعاء معينون بوصف، فمثلاً: ورد أن الأنبياء جميعاً يشفعون وأن الرسل يشفعون وأن الملائكة يشفعون دون تحديد لأحد بعينه، وورد أن المؤمنين يشفعون دون أن يحدد أحد منهم بعينه، لكن ورد في بعض النصوص أن طائفة من المؤمنين لهم شفاعة خاصة، وكذلك ورد أن نوعاً من أبناء المسلمين يشفعون، وهم الأطفال الذين يموتون قبل سن البلوغ إذا احتسبهم أهلهم، فإنهم يشفعون، كذلك وردت بعض الشفاعات المقيدة المخصصة مثل شفاعة القرآن، وشفاعة الصيام، ونحو ذلك من الشفاعات التي لا يجوز إثباتها إلا لمن ثبتت له أو لما ثبتت له، أما ما يدعيه أهل الأهواء وأهل البدع من إطلاق الشفاعة وصرفها لمن يهوون فهذا باطل، وأكثره يدخل في أنواع الشرك، فما كان منه صرفاً للدعاء لغير الله عز وجل وطلب النفع من غيره فهو شرك، وما كان منه يدخل في التبرك فهو على درجات، وما كان منه يدخل في التوسل فهو على درجات، منه ما هو شرك، ومنه ما هو بدعة مغلظة، ومنه ما هو دون ذلك، والله أعلم.