النوع الثاني: تأويل الأمر، كقوله عز وجل: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران:200]، {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج:77]، فإن تأويل هذا الأمر الذي أُمِر به إيقاعه كما أمر الله، وامتثاله كما أمر الله، وفعله كما أمر الله، فإن كان أمراً بفعله، وإن كان نهياً فبالانتهاء عنه، فقوله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج:77] تأويله: وقوع الركوع والسجود كما أمر الله تعالى، وقوله عز وجل: {اصْبِرُوا وَصَابِرُوا} [آل عمران:200] تأويله: تنفيذ الصبر عندما يأتي له سبب.
إذاً: تأويل الأمر فعل المأمور به، كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها: (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن)، أي: يتأول قوله عز وجل: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر:1 - 3].
فتأويل الأمر كما قالت عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أمر صلى الله عليه وسلم بأن يسبح ويستغفر، فصار ذلك عادة له في ركوعه، فهنا أول معنى الآية بالفعل، وكل أمر ونهي يأتي في القرآن والسنة فإن تأويله بامتثاله.