قال رحمه الله تعالى: [وإلى هذا أشار الشيخ رحمه الله بقوله: (منه بدا بلا كيفية قولاً)، أي: ظهر منه].
أي: أن الله تكلم به، هذا معنى (منه بدا)؛ لئلا يقال: إنه بدا الكلام على لسان جبريل، أو بدا الكلام على لسان محمد صلى الله عليه وسلم أو لسان موسى بالنسبة للتوراة أو عيسى بالنسبة للإنجيل أو نحو ذلك، أو: إن الله سبحانه وتعالى عبر عن كلام مخلوقاته بأنه كلامه، أو أنه خلق أصواتاً فصارت كلاماً، كل ذلك يتنافى مع القول بأنه منه بدا، يعني: أن الله سبحانه وتعالى قاله وتكلم به على ما يليق بجلاله، وليس هذا من عند هؤلاء من أهل العلم، بل هو من النصوص الشرعية.
قال رحمه الله تعالى: [أي: ظهر منه، ولا يدرى كيفية تكلمه به.
وأكد هذا المعنى بقوله: (قولاً)، أتى بالمصدر المعرف للحقيقة، كما أكد الله تعالى التكليم بالمصدر المثبت النافي للمجاز في قوله: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء:164]، فماذا بعد الحق إلا الضلال؟!].
يقصد بذلك أن الله سبحانه وتعالى فسر وبين الكلام هنا، فما قال: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى) ثم انقطع الكلام، بل أكد الأمر فقال: {تَكْلِيمًا} [النساء:164] لأنه قد ينشأ في الذهن: هل الله كلم الله موسى وحياً أو إلهاماً أو مناماً أو خيالاً؟! وتحتمل هذه الاحتمالات عند من لا يفقه الأمور الشرعية أو لا يفقه حقائق النصوص المتعلقة بصفات الله، فلذلك جاء التأكيد في الآية نفسها بما يرد التعطيل ويرد التأويل؛ فإن قوله تعالى: {تَكْلِيمًا} [النساء:164] يعني: على ما يليق بجلال الله سبحانه وتعالى.