Q إن أول واجب هو توحيد الله وحده ونبذ الشرك والبدعة، لكن هناك من ينادي بأعلى صوته -خاصة ممن ينتسبون للدين والعلم- بأن نجعل هذه المسائل في المرتبة الثانية بعد اجتماع الكلمة، وحجتهم في ذلك: أننا إذا ما اهتممنا بتوحيد الصف الإسلامي جاءت الفرقة والنزاع بين المسلمين كما هو الحال في أفغانستان وغيرها، فنرجو توضيح الأمر؟
صلى الله عليه وسلم الحقيقة أن هذه المسألة فيها لبس، فيجب أن نفرق بين الدعوة إلى توحيد الله تعالى وبين ما يفعله بعض من يدعون إلى توحيد الله، يجب أن نفرق بين الأمرين، فالدعوة إلى توحيد الله هي أساس الدعوة في كل مكان وكل زمان، ولا يمكن أن نفرط فيها علماً وعملاً، ولا أن نخل بها ولا أن تؤجل، لكن يبقى ما بعد ذلك من مستلزمات هذه الدعوة والأمور التي تأتي بعدها أيضاً، هذا أمر.
الأمر الآخر: أنه إذا وجد ممن يدعون إلى السنة من في طريقته شيء من قسوة الأسلوب التي تنفر المسلمين عن جمع الكلمة؛ فهذا ليس بحجة على أصل المبدأ.
وأيضاً يجب أن يفهم أن المسلمين الذين يتلبسون بالبدع والشركيات سيستجيبون للنداء العام لجمع كلمة المسلمين على ما هم فيه من انحراف، وتصعب استجابتهم للدعوة إلى توحيد الله، فهذه حقيقة ولابد من أن نتعامل معها، بمعنى أن نجمع بين الأمرين: بين الدعوة إلى توحيد الله تعالى ونبذ الشرك بالحكمة وباللين والشفقة، وبين ضرورة جمع كلمة المسلمين، فلا تعني الدعوة إلى التوحيد التفريق، وإن وجد شيء مما يؤدي إلى التفريق فسببه ممارسة بعض الدعاة الذين يقل فقههم في الدين وفي الدعوة إلى التوحيد، فأسلوبهم في الدعوة إلى التوحيد هو الأسلوب المنفر، أسلوب التفريق، وعدم الشفقة، وعدم التدرج، وعدم الحكمة إلى آخر ذلك من الأمور التي يقع فيها أفراد، فتصرف بعض هؤلاء لا يكون ناقضاً للأصل.
الأمر الثالث: نحن نعلم أن الدعوة إلى توحيد الله تعالى هي وسيلة جمع كلمة المسلمين، ولا شك في أنها الوسيلة الأولى، وإذا تجاهلناها أو غفلنا عنها؛ فإن أي اجتماع للمسلمين من دونها سيكون اجتماع هشاً وسيتمزق عند كل فتنة تحدث، لكن إذا كان على التوحيد فإنه اجتماع صلب وقوي.
الأمر الرابع: أنا أعتقد أنه ليس بالضرورة أن يكون هدفنا جمع كل المسلمين على غير الحق، فليس بالضرورة أن يجمعوا ما داموا على غير الحق، بل يكفينا أن يجتمع أهل الحق على الحق ولو قلوا، فلو فرضنا أن الناس نفروا من دعوة التوحيد، ولا سبيل لجمعهم إلا أن نترك هذه الدعوة ليجتمعوا؛ فعندنا خياران: أن ندعو الناس إلى التوحيد، وهذا سيؤدي إلى نفور بعضهم، أو أن نترك الدعوة إلى التوحيد وسيجتمعون على شعار دون التوحيد، فأيهما أولى؟