Q ما صحة قول بعض القائلين: إن الشرائع التي تنزل من الله سبحانه وتعالى على الأنبياء تكون مجملة، ثم الأنبياء يفصلون فيها؟
صلى الله عليه وسلم هذا غير صحيح؛ لأن الأنبياء في عملهم إنما يسترشدون بالوحي، فلذلك الشرائع مفصلة كما أنزلت من الله سبحانه وتعالى، وعمل الأنبياء هو التطبيق في الأمور العملية والأحكام العملية، وكل ذلك بأمر الله، أما أن يقال: إن الشرائع تنزل إجمالاً ثم الأنبياء يفصلونها؛ فهذا مبني على القول بخلق القرآن، والقول بأن القرآن هو معنى نفسي قائم بذات الله، أو نحو هذا من المعاني التي يقول بها المتكلمون، فمؤدى قولهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي فصل، وإلا فالقرآن نزل مجملاً، وهذه كلمة خطيرة، وبدأت تظهر، فأنا قرأت ما يشعر بها عند بعض الكتاب المحدثين، وهذا يراد به أننا نستغني عن تفصيلات الدين التي عمل بها النبي صلى الله عليه وسلم في وقته؛ لأنها تناسب وقته، ونرجع إلى جملة الدين -أي: جملة الوحي- كما يقول من يسمون بالقرآنيين ومن يسمون بالعصرانيين ومن يسمون بالعقلانيين الآن.
والدين كله مطلوب، ليس فيه فرق بين تفصيلات وإجماليات، والتفصيلات هي المطلوبة، أما الإجماليات فيدركها حتى الكفار، وينبغي أن يعلم هذا، لكن الكلام على التفصيلات.