قال رحمه الله تعالى: [ثم إن أنواع الافتراق والاختلاف في الأصل قسمان: اختلاف تنوع، واختلاف تضاد].
اختلاف التنوع المقصود به الاختلاف الذي يتعدد فيه القول والرأي على وجه شرعي، الاختلاف الذي كله سائغ، الاختلاف في الأمور الاجتهادية التي يسع فيها الخلاف، ويتنازع فيها في فهم الأدلة، وتكون فيها الأدلة أو الدلالة الاجتهادية غير واضحة، سواء دلالة المفهوم، أو دلالة المنطوق، أو دلالة اللغة، أو التقييد، أو النسخ إلى آخره، كل هذه الأمور تسمى اختلاف تنوع، أي: أن المسلمين عندما اختلفوا فيها، اختلفوا عن اجتهادات لها أصول في الشرع على ضوء الأدلة، بخلاف النوع الثاني الذي هو اختلاف التضاد، واختلاف التضاد: هو الاختلاف في أصول الدين، في قضايا العقيدة، في القطعيات، الاختلاف فيما يخالف الدليل القطعي، وفيما يخالف الدليل الصريح، سواء كان في الفروع فيما يتعلق بالأحكام، إذا كان الخلاف لا يوجد له مبرر، أو كان في العقائد وهو الأغلب، فأغلب صور اختلاف التنوع الاجتهادية في الأحكام، وأغلب صور اختلاف التضاد في العقائد، ومع ذلك يوجد اختلاف التضاد في الأحكام، مثل: خلاف الشيعة في مسألة المسح على الخفين، وخلافهم في غسل الرجلين، حيث قالوا: المشروع مسح الرجلين، هذا داخل في الفروع، لكن أصبح من اختلاف التضاد؛ لأنهم خالفوا النصوص الصريحة، رغم أنه في الفقه.