متى تحصل خوارق العادات للصالحين أفراداً وجماعات

Q قوله: (ثم إن الدين إذا صح علماً وعملاً، فلا بد أن يوجب خرق العادة، إذا احتاج إلى ذلك صاحبه) هل هذا مناقض للكلام السابق: (أن عدم الخوارق علماً وقدرة لا تضر المسلم في دينه)؟

صلى الله عليه وسلم يقصد المؤلف معنىً يبدو أنه لم يفصح عنه، يقصد رحمه الله أن أهل الاستقامة إذا ألجأتهم ضرورة شرعية كبرى، ليس مجرد أمور شخصية كالتحدي بين الإسلام والكفر، فإنهم قد تحدث لهم كرامات، وهذا صحيح، فإن أكثر ما كانت الكرامات في عهد الصحابة وعلى أيدي أئمة الهدى الكبار لا تكون في أمور شخصية، إلا في حالات نادرة لا يرغبون نشرها أو التحدث عنها، ولذلك قد تُذكر وقد لا تُذكر، لكن الكرامات المشهورة التي تشتهر غالبها تحدث للمؤمنين؛ بسبب استقامتهم في دين الله عز وجل في المقامات العظمى والكبرى، مثل ما حدث لـ سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حينما تجمد له النهر، ومثل ما حدث لـ خالد بن الوليد رضي الله عنه حينما أكل السم الذي يقتل الإنسان عادة، لكن كان من باب التحدي، وكان فيما يشبه المباهلة التي فيها نصر للإسلام، ليس موقفاً شخصياً بين المؤمن وبين آخرين، فإذا وصل الأمر إلى حد ما يشبه المباهلة بين أهل الحق وأهل الباطل، أو إلى ضرورة نصر الحق في أمر حاسم تتعلق فيه مصالح الأمة العظمى، فمن هنا تحدث الكرامات على الوجه الذي ذكره الشارح، أما في أحوال الأفراد والأمور العادية، فإنه قد تحدث وقد لا تحدث، قد تحدث للعبد الصالح كرامة في المقامات الصعبة، لكنها ليست قاعدة مطردة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015