قال رحمه الله تعالى: [فقد سمى الله ورسوله صفات الله علماً وقدرة وقوة، وقال تعالى: {ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً} [الروم:54]، {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ} [يوسف:68]].
هذا في وصف المخلوقين، يعني بذلك أن الله كما سمى صفات نفسه سبحانه وتعالى وكما سماها رسوله صلى الله عليه وسلم بالعلم والقدرة والقوة؛ كذلك سمى الله المخلوقين ووصفهم بهذه الصفات.
قال رحمه الله تعالى: [ومعلوم أنه ليس العلم كالعلم، ولا القوة كالقوة، ونظائر هذا كثيرة، وهذا لازم لجميع العقلاء؛ فإن من نفى صفة من صفاته التي وصف الله بها نفسه].
هنا بدأ يرد على المؤولة قبل أن يرد على المعطلة، فبدأ بالرد على أقل الفرق انحرافاً في صفات الله تعالى، فهو يرد على المؤولة وعلى أهل الكلام الذين يمثلهم الأشاعرة والماتريدية ومن نحا نحوهم.
قال رحمه الله تعالى: [فإن من نفى صفة من صفاته التي وصف الله بها نفسه -كالرضا والغضب، والمحبة والبغض ونحو ذلك- وزعم أن ذلك يستلزم التشبيه والتجسيم؛ قيل له: فأنت تثبت له الإرادة والكلام والسمع والبصر! مع أن ما تثبته له ليس مثل صفات المخلوقين، فقل فيما نفيته وأثْبتَهَ الله ورسوله مثل قولك فيما أثْبَتَّه؛ إذ لا فرق بينهما].
خلاصة قوله أنه يقول لمن أول بعض صفات الله تعالى وأثبت البعض الآخر، وهم المؤولة الذين يثبتون لله تعالى صفات العلم والإرادة والقدرة والحياة والسمع والبصر ولا يؤلونها، لكنهم في الوقت نفسه لا يثبتون صفة الرضا والنزول والمجيء والمحبة والبغض ونحوها من الصفات الفعلية، يقول لهم: الشبهة التي بها نفيتم الصفات هي موجودة فيما أثبتموه، وأيضاً: السبب الذي به أثبتم الصفات التي ذكرتموها هو موجود في تلك الصفات التي نفيتموها، فإذا قلتم في صفة الإرادة والكلام والسمع والبصر بأنكم تثبتونها لله تعالى وليست كصفات المخلوقين، فكذلك المحبة والغضب واليد والوجه قد أثبتها الله لنفسه، وليست كصفات المخلوقين، فلم نفيتم هذا وأثبتم هذا؟! ليس عندهم جواب.