والدليل على إثباتها بالنص أخبار: من ذلك ما أسنده البخاري عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: (أتت امرأة النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن ترجع إليه، قالت: أرأيت إن جئت فلم أجدك؟ كأنها تريد الموت، قال: إن لم تجديني فائتي أبا بكر) وذكر له سياقاً آخر، وأحاديث أخر؛ وذلك نص على إمامته.
وحديث حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر وعمر) رواه أهل السنن.
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها، قالت: (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه، فقال: ادعي لي أباك وأخاك، حتى أكتب لـ أبي بكر كتاباً، ثم قال: يأبى الله والمسلمون إلا أبا بكر).
وفي رواية: (فلا يطمع في هذا الأمر طامع).
وفي رواية: قال: (ادعي لي عبد الرحمن بن أبي بكر، لأكتب لـ أبي بكر كتاباً لا يختلف عليه، ثم قال: معاذ الله أن يختلف المؤمنون في أبي بكر).
وأحاديث تقديمه في الصلاة مشهورة معروفة، وهو يقول: (مروا أبا بكر فليصل بالناس).
وقد روجع في ذلك مرة بعد مرة، فصلى بهم مدة مرض النبي صلى الله عليه وسلم].
عائشة رضي الله عنها أشفقت على أبيها، فراجعت النبي صلى الله عليه وسلم بألا يستخلفه في الصلاة، لكنه أصر على استخلافه.
قال رحمه الله تعالى: [وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (بينا أنا نائم رأيتني على قليب عليها دلو، فنزعت منها ما شاء الله، ثم أخذها ابن أبي قحافة فنزع منها ذنوباً أو ذنوبين وفي نزعه ضعف، والله يغفر له، ثم استحالت غرباً، فأخذها ابن الخطاب، فلم أر عبقرياً من الناس يفري فريَّه، حتى ضرب الناس بعطن).
وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال على منبره: (لو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً، لا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت، إلا خوخة أبي بكر).
وفي سنن أبي داود وغيره، من حديث الأشعث عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم: (من رأى منكم رؤيا؟ فقال رجل: أنا رأيت كأن ميزاناً أنزل من السماء، فوزنت أنت وأبو بكر، فرجحت أنت بـ أبي بكر، ثم وزن عمر وأبو بكر، فرجح أبو بكر، ووزن عمر وعثمان، فرجح عمر، ثم رفع الميزان، فرأيت الكراهة في وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: خلافة نبوة، ثم يؤتي الله الملك من يشاء).
فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ولاية هؤلاء خلافة نبوة، ثم بعد ذلك ملك.
وليس فيه ذكر علي رضي الله عنه؛ لأنه لم يجتمع الناس في زمانه، بل كانوا مختلفين، لم ينتظم فيه خلافة النبوة ولا الملك.
وروى أبو داود أيضاً عن جابر رضي الله عنه، أنه كان يحدث، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (رأى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نيط برسول الله صلى الله عليه وسلم، ونيط عمر بـ أبي بكر، ونيط عثمان بـ عمر، قال جابر: فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما المنوط بعضهم ببعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه).
وروى أبو داود أيضاً عن سمرة بن جندب: (أن رجلاً قال: يا رسول الله، رأيت كأن دلواً دلي من السماء، فجاء أبو بكر فأخذ بعراقيها، فشرب شرباً ضعيفاً، ثم جاء عمر فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء عثمان فأخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع، ثم جاء علي فأخذ بعراقيها، فانتشطت منه، فانتضح عليه منها شيء).
وعن سعيد بن جمهان عن سفينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خلافة النبوة ثلاثون سنة، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء، أو الملك)].
يعني: من خلال النظر في كلام المحققين من أهل العلم قديماً وحديثاً تبين أن مسألة استخلاف أبي بكر رضي الله عنه اجتمع فيها النص والاختيار، بمعنى أن الصحابة رضي الله عنهم كان عندهم من إدراك مقاصد الإسلام ومقاصد النبي صلى