Q كيف نجمع بين كون الكفر ملة واحدة وأن هناك كفراً دون كفر؟
صلى الله عليه وسلم أولاً: لا يظهر أن بينهما تناقضاً.
والأمر الثاني: أن كل عبارة محمولة على المعنى المراد بحسب قواعد الشرع والنصوص وفهم السلف، فلا شك أن المراد بكون الكفر ملة واحدة الكفر المخرج من الملة، فالكفر المخرج من الملة ملة واحدة، وملة الإسلام ليست كفراً.
وقول السلف: كفر دون كفر يعني: الكفر الذي لا يخرج من الملة، ولا شك أنه يتبين من خلال النصوص أن الكفر منه ما يخرج من الملة ومنه ما لا يخرج، ومسمى الكفر قد يطلق على المعصية والبدعة، وقد يطلق على الكفر المخرج، وهذا ظاهر جداً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سمى النياحة كفراً، وسمى الطعن في الأنساب والأحساب كفراً، وسمى الانتساب لغير الأب كفراً، وسمى كفر النعمة كفراً، وسمى جحد حق الزوج من المرأة كفراً، في أشياء كثيرة سماها النبي صلى الله عليه وسلم كفراً وليست كفراً قطعياً، فهذا هو مفهوم الكفر دون الكفر، فكل ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم من أعمال المسلمين كفراً مما ليس بشرك ولا ردة فهو كفر معصية، وكفر بدعة، بل إن بعض الأعمال دون البدعة يسمى كفراً، مثل عدم شكر المنعم في بعض النعم التي أنعم الله بها على عباده، فهذا يسمى كفر نعمة، وقد لا يكون كبيرة أيضاً.
فمثل هذه الأمور لا بد من استصحاب عموم النصوص وقواعد الشرع فيها، ولذلك أجد أنه من الخلل والزلل أن يتناول مثل هذه الأمور من لا علم عنده ولا فقه، أو يقل فقهه في الدين، فربما يكون مثقفاً متحذلقاً أو طويلب علم مبتدئاً ثم يبدأ يخوض في هذه الأمور ويصنف المسلمين ويحول ذممهم إلى الكفر وغيره بمجرد أن يقرأ هذه النصوص أو يسمع بها، وهذا أمر خطير، فالذي لا يعرف موارد الشرع وقواعد الدين ومناهج السلف وألفاظ الشرع ومعانيها ودلالاتها، ولا يعرف كيف يرجع الألفاظ والمصطلحات إلى أصولها بحسب سياقها، لا يجوز له أن يتكلم في هذه الأمور، وأقول هذا بمناسبة كثرة كلام الناس في هذه الأمور، وعدم تفريقهم بين الصالح وغير الصالح، وبين ما له أصل وما ليس له أصل، والله أعلم.