بيان معنى كون إلزام السلطان بالتزام قول بغير حجة غير جائز

Q قال ابن تيمية في الفتاوى: (وأما إلزام السلطان في مسائل النزاع بالتزام قول بلا حجة في الكتاب والسنة؛ فهذا لا يجوز باتفاق المسلمين)، فما معنى هذا الكلام؟

صلى الله عليه وسلم يظهر أن المقصود به أحد وجهين: الوجه الأول: أن يلزم العلماء السلطان بأن يأخذ بقول اجتهادي ويلتزمه بغير رضاه، فهذا بعيد، وهو لا يجوز.

والوجه الثاني وهو الظاهر: أن السلطان إذا ألزم في مسألة خلافية بقول بلا حجة من الكتاب والسنة فهذا لا يجوز، بمعنى: إذا شرع ذلك تشريعاً؛ لأن إلزام السلطان الناس بقول معين في مسألة اجتهادية له وجهان: وجه يعتبر فيه الإلزام من باب تقرير المصلحة أو دفع المفسدة؛ فإذا كان من باب المصلحة ودفع المفسدة فهذا من حق السلطان، والخلفاء الراشدون ومن بعدهم من أئمة المسلمين وسلاطينه إلى اليوم كانوا يلزمون في مسألة خلافية بأمر معين، كما في كثير من التعاميم التي فيها مصالح وتبنى على آراء أهل العلم، فهذا جائز، بل من حق السلطان إذا كان الإلزام يعني: إلزام الناس بمصلحة معينة لها مبرر شرعي في أمر اجتهادي.

أما إذا كان الإلزام بمعنى أن يشرع فيحرم أو يحلل؛ فهذا لا يجوز، وإذا حصل فهو تشريع ولا يجوز باتفاق المسلمين.

وأغلب ما يحدث من سلاطين المسلمين من النوع الأول، أي: من الأنواع الاجتهادية، حيث تكون المسألة فيها نزاع بين العلماء، فيأخذ السلطان بقول من أقوالهم ويلزم الناس به، ويكون هذا الإلزام في الغالب من باب تحقيق المصلحة ودرء المفسدة وجمع الكلمة أو نحو ذلك، وهذا جائز وسائغ تقتضيه المصلحة في الغالب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015