[المسألة الأولى] :
الإسلام ينقسم إلى قسمين وهو:
- الإسلام العام.
- والإسلام الخاص.
وكلام المؤلف هنا يعني به الإسلام العام وهو: الاستسلام لله - عز وجل - بالتوحيد والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.
فهذا الإسلام وهو الاستسلام، هو الذي اجتمعت عليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، فدَعَوا إلى توحيد الله وإلى الاستسلام له بالتوحيد بعبادته وحده دونما سواه وخلع الآلهة والأنداد والبراءة من كل معبودٍ سوى الله - عز وجل - ومن كل عبادة لِمَا سوى الرب - جل جلاله - وتقدست أسماؤه.
والانقياد لله - عز وجل - ظاهراً بطاعته - عز وجل - فيما أمر وبالانتهاء عما نهى عنه - جل جلاله -.
هذا هو الإسلام العام، وهو الذي ينطبق على رسالة كل رسول، وهو الذي ينطبق على إِسْلَامِ كل شيء له كما قال - عز وجل - {أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا} [آل عمران:83] .
فقوله {أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ} يعني أفَغَير دين الإسلام يبغون، فكل ما في السماوات والأرض، وكل من في السماوات والأرض أسْلَمْ لله - عز وجل - طوعاً أو كرهاً، يعني اسْتَسْلَمْ ولا بد، إلا المشرك فإنَّ استسلامه كان استسلامَ انقيادٍ لأمر الله الكوني دون استسلامٍ وانقيادٍ لأمر الله الشرعي.
والنوع الثاني الإسلام الخاص وهو شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
دين كل الأنبياء هو الإسلام بمعناه العام، ودين محمد صلى الله عليه وسلم هو الإسلام، وهو شريعة الإسلام، الإسلام الخاص.
وهذا الإسلام الخاص هو الذي جاء تفسيره في قول النبي صلى الله عليه وسلم «بُنِيَ الإسلام على خمس: شهادة أَنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمد رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وحج البيت وصوم رمضان» (?) حديث ابن عمر، وهو الذي جاء في جوابه صلى الله عليه وسلم لجبريل حينما سأله عن الإسلام فقال «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله» ثم سأله عن الإيمان، ثم سأله عن الإحسان، ثم قال في آخره «هذا جبريل جاءكم يعلمكم أمر دينكم» (?) .
فالإسلام الخاص يشمل هذه المراتب الثلاثة: الإسلام والإيمان والإحسان أيضاً.
وكل واحدةٍ منها من شريعة محمد صلى الله عليه وسلم.
وطبعاً تفاصيل الشريعة قد تدخل مع العقيدة؛ يعني في ما دعا إليه جميع الأنبياء في الإسلام العام.
يعني مثلاً الإيمان: أنْ تؤمن بالله وملائكته هذه تدخل في الإسلام العام الذي اشترك فيه جميع الأنبياء، كذلك شهادة أن لا إله إلا الله هذه أيضاً لكل المرسلين.
فهذا الإسلام الخاص هو الشريعة التي جاءت في قول الله - عز وجل - {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا} [المائدة:48] ، فالشِّرْعَةْ هي ما خَصَّ الله - عز وجل - به كل نَبِيٍّ عن النبي الآخر، خَصَّهُ بهذه الرسالة خَصَّهُ بهذا الوحي، فهذا هو الإسلام.