[المسألة الثانية عشر: الواجب على المؤمنين أن يسعوا في الإيمان وأن لا يلتفت العبد مهما بذل إلى حصول الكرامة أو عدم حصول الكرامة]

[المسألة الثانية عشر] :

الواجب على المؤمنين أن يَسْعَوا في الإيمان (?) وفي شُعَبِهِ -امْتِثَالَاً للأوامر واجتناباً للنواهي- طلباً لمرضاة الله - عز وجل - وأن يبذلوا أنفسهم في الجهاد بأنواعه: الجهاد في العلم والجهاد في العمل والدعوة، أو الجهاد بالسيف والسنان إذا جاء وقته، أو إذا حَضَرَهُ المؤمن، أن يسعوا فيه طَلَبَاً لرضا ربهم - عز وجل -، وأن لا يلتفت العبد مهما بَذَلْ إلى حصول الكرامة أو عدم حصول الكرامة.

فمن الناس من تعلّقت قلوبهم بالكرامات؛ بل بما هو دونها من الرُؤَى وربما الأحلام ومن القصص والحكايات والأخبار وأَثَّرَ ذلك على إيمانه سلباً أو إيجاباً، ضعفاً أم زيادة.

وهذه الأمور نؤمن بها -يعني مسائل الكرامات-، نؤمن بها لأَنَّهَا جاءت في النصوص؛ لكن العبد لا يَتَطَلَّبُهَا، لا يبحث عنها، كما ذكرت لك ربما كان الأكمل في حقه أن لا تحصل له الكرامة، وربما كان الأكمل في حقه أن يُبْتَلَى، وربما كان الأكمل في حقه أن يُذَلْ ولا يُعْرَفْ ما يقضي الله - عز وجل - به في هذه المسائل.

ومن نظر لسيرة من نعتقد فيهم أنهم من أفضل أهل زمانهم إيمانَاً وتقوى ومُتابعة للسنة وأمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر ومُجَاهدةً لأعداء الله، حصل لهم من الابتلاء والفتنة ما حصل، كما حصل لإمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل، وكذلك ما حصل لشيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، فالجميع حصل لهم من البلاء والسجن والفتنة، يعني والصد والإيذاء ما حصل لهم، ومع ذلك هم أكمل ممن هم دونهم ممن حصل لبعضهم من الكرامات فيما نُقل بأسانيد ثابتة.

بل ابن القيم رحمه الله طِيْفَ به في دمشق وهو العالم الإمام على حمار ظهره إلى السماء ووجهه إلى الأرض تنكيلاً به، ومع ذلك ما ضَرَّهُ لا في وقته ولا فيما بعده فالتراجم طافحة بالثناء عليه، لأنَّ هذه مسائل من الابتلاء التي يَبْتَلِي بها الله - عز وجل - بعض عباده كيف شاء.

فالمقصود من هذا أنَّ الميزان هو متابعة السنة.

تحقيق الإيمان والتقوى، متابعة طريقة السلف الصالح قد يحصل معه إكرام وقد لا يحصل معه، يحصل معه ضد ذلك من الابتلاء والإيذاء، وقد يكون المُبْتَلَى أكمل ممن لم يُبْتَلَ.

فالعبرة بلزوم منهج السلف الصالح وطريقة السلف الصالح، فقد يُبْتَلَى من هو من أهل البدع، وقد يُبْتَلَى من هو من أهل السنة، وقد يُبْتَلَى العاصي المذنب، وقد يُبْتَلَى التقي الناصح، وهكذا.

فإذاً الميزان هو كتاب الله - عز وجل - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وملازمة طريقة السلف الصالح في ذلك.

أسأل الله - عز وجل - أن يجعلنا من أوليائه وأن يغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وأن يُكَفِّرَ عنا الخطايا والآثام، وصلى الله وسلّم وبارك على نبينا محمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015