الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

الأسئلة:

س1/ هل في هذه الكلمة محذور شرعي وهي صورة لقطعة من الذُّرَة ومكتوب عليها: (هذه من خيرات الطبيعة) حيث أنها تنتشر دعاية لمثل هذا في الشوارع؟

ج/ هذا صحيح رأيناه في الشوارع، هذه الكلمة كلمة فيها سو؛ ء لأنَّ الخير من الله - عز وجل -، والطبيعة مطبوعة ليست طابعة للأشياء، فعيلة بمعني مفعولة، هي مطبوعة، طَبَعَهَا الله - عز وجل - وجعلها على هذا النحو من سُنَنِهِ، فالله - عز وجل - هو الذي جعل سُنَّتَهْ أَنَّ الماء ينزل وأَنَّ الأرض تُنبِتْ وأنَّ الأرض تتنوع، ما ينتج منها. ولهذا هذه الكلمة فيها مخالفة فينبغي بل يجب تجنبها حفظَاً لنعم الله - عز وجل - على عباده.

س2/ في قوله تعالى {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} [الأعلى:9] هل إذا غلب على الظن عدم الانتفاع يجوز السكوت عن المنكر؟

ج/ هذه المسألة اختلف فيها العلماء، وقد ذكرت لكم الخلاف أظن في شرح الواسطية (?) أو في بعض المواضع، والآية استدَلَ بها جماعة من العلماء منهم الشيخ تقي الدين ابن تيمية شيخ الإسلام ومنهم ابن عبد السلام في القواعد وجماعة، وذكر هذا أيضاً ابن رجب عن بعض أهل العلم في شرحه على الأربعين.

والآية فيها دليلْ على أنَّ الذِكْرَى مأمور بها إذا كانت ستنفع؛ لأنَّ الله قال {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى} أَمَرَ بالتذكير إذا كانت الذكرى ستنفع.

هل يدخل هذا في النهي عن المنكر، أم هذا في التذكير بما ينفع الناس؟

ظاهر لكلمة {الذِّكْرَى} أنها تشمل الأمر بالمعروف وتشمل النهي عن المنكر؛ لأنَّ التذكير يشمل هذا وهذا في القرآن والسنة.

لهذا قال طائفة من العلماء ممن سَمَّيْنَا ومن غيرهم: إنَّهُ للمرء أنْ يترك الإنكار إذا غَلَبَ على الظن عدم الانتفاع، كذلك يجوز له أن لا يُذَكِّرْ إذا غَلَبَ على الظن عدم الانتفاع، أما إذا غلب على الظن الانتفاع بالإنكار أو الانتفاع بالذِّكْرَى فهنا يجب عليه أن يُنْكِرْ ويحب عليه أن يأمر بالمعروف بحسب الحال، هذا قول.

الجمهور على خلاف ذلك وهو أنَّ الأحاديث دَلَّتْ على أَنَّ المنكر إذا رُئِيَ وَجَبَ تغييره، لهذا قالوا سواءٌ غلب على الظن أو لم يغلب على الظن فلابد منه حفاظاً على ما أجب الله - عز وجل -.

ولهذا قال سبحانه وتعالى لمَّا ذَكَرَ حال أهل القرية {وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الأعراف:164] ، فَدَلَّ على هذا أنَّ المعذرة مطلوبة وأن لا يُسْكَتْ عن المنكر؛ لكن هذا لا يَدُلُّ على الوجوب، وحال الصحابة بكثيرٍ من أحوالهم وخاصَّةً لما دَخَلُوا على الولاة -ولاة بني أمية والأمراء- فيما سكتوا عنه وفيما لم يُنْكِرُوهُ، قال ابن عبد السلام ويُلْمِحُ إليه كلام ابن تيمية أيضاً أنهم أخذوا بأنه غلب على ظنهم أنهم لا ينتفعون بذلك لِعِلْمِ الواقع في المنكر ولأجل أنَّهُ يعلم أنَّهُ لو أُنْكِرَ عليه فإنه لن يستجيب.

المقصود من ذلك أن العلماء لهم في ذلك ثلاثة أقوال:

1 - القول الأول: أنه يجب الإنكار مطلقا كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

2 - القول الثاني: أنَّهُ يجب مع غلبة الظن، وإذا لم يغلب على الظن فإنه يجوز له أن ينكر (?) .

3 - والقول الثالث: وهو المتوسط بينهما أنَّهُ لا يجب ولكن يستحب إذا غلب على الظن عدم الانتفاع.

وهذا معناه أنَّ الإنسان لا يُؤَثِّمْ نفسه فيما غلب على الظن عدم الانتفاع.

وهذا يحصل في المسائل التي يغلب فيها الظن على عدم الانتفاع مثل المنكرات المنتشرة، مثل مثلاً حلق اللحى، ومثل الإسبال، ومثل كشف المرآة لوجهها، ومثل رؤية المجلات رؤية صور النساء المحرمة في المجلات، أو مثل هذه يغلب على الظن من الناس عدم الانتفاع مطلقاً أو عدم الانتفاع في وقتها؛ يعني بحسب الحال.

لكن إذا غَلَبَ على الظن أنه إذا وَعَظَهُ أو أَمَرَهُ أو نهاهُ أنه ينتهي ولو في الوقت نفسه، فهذا يتعين عليه.

يعني دَخَلَ في المسألة مثل غيرها مع القدرة؛ لكن إذا كان يظن أنَّهُ إذا قال له لا تحلق لحيتك أو هذا حرام أنه لن ينتفع، فلا يجب عليه حينئذ ويسلم من الإثم.

المقصود السلامة من الإثم في مثل هذه الحال، والله المستعان كلٌ في هذا الباب مقصر، نسأل الله - عز وجل - أن يعفو عنا وعنكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015