[المسألة الثانية] :
الرافضة -خذلهم الله- ومن شابههم يتبَرَؤُونَ مِنْ أفْضَلِ هذه الأمة وهم هؤلاء العشرة ما عدا بعض المذكورين، ويرون أنَّ لفظ العشرة من الألفاظ المنكرة التي ينبغي التبرُؤْ منها، فيكرهون لفظ العشرة لأجل وروده في العشرة المبشرين، ولأجل مقتل الحسين في اليوم العاشر من محرم ونحو ذلك مما يعتقدونه.
والواجب أنَّ المسلم يتولى من تَوَلَّاهُ النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي تولى هؤلاء، وهو الذي أشار إلى فضلهم وهو الذي بَشَّرَهُم بالجنة، فأيُّ خيبةٍ بعد ذلك على من عاداهم ولم يتولهم، فبِحُبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ونُصْرَتِهِم له أحببناهم ونصرناهم ودافعنا عنهم.
فالذين يُبْغِضُونَ مَنْ أَحَبَّ النبي صلى الله عليه وسلم ومن شَهِدَ له بالجنة هم الحقيقون بأن يُبْغَضُوا.
وأهل السنة لكمال عدهم وأنَّهُم هم الوسط الذين شُهِدَ لهم بذلك في قوله {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة:143] ، فأهل السنة هم الوسط فهم يتولون من توَلَّاهُ النبي صلى الله عليه وسلم.
والفرق على اختلافها الخوارج والنّواصب والشيعة والرافضة يتولَّونَ بعضاً ويكرهون بعضاً؛ بل ربما كَفَّرُوا بعضاً وحكموا بالإيمان على بعض.
وهذا كله من الاعتداء والحكم على ما ليس لهم الحكم فيه.
لهذا الواجب على كل مسلم في أي مكانٍ كان من الأرض أن يُعْلِنَ موالاته لهؤلاء العشرة لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسعد وسعيد وعبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة، يعلن موالاته لهؤلاء لأنَّ موالاتهم من الدين.
ومن موالاتهم أيضاً الشهادة لهم بالجنة، ومن موالاتهم أن يُنْصَرُوا في موضعٍ يُنالْ منهم، ومن موالاتهم ومحبتهم أن يُجَاهِدَ المسلم في سبيل دفع الشُّبَه عنهم، الشُّبَه التي ربما يكون مَرَدُّهَا إلى الإثارات العلمية.
فطالب العلم يَحْسُنُ به؛ بل هذا من الجهاد أن يكون عالماً بما أُثير على أبي بكر الصديق وكيف أجاب أهل العلم عن ذلك لأنه قد يحتاج، ثُمَّ على عمر، ثُمَّ على عثمان، ثُمَّ على البقية كأبي عبيدة بن الجراح الذي يزعم الرافضة أنه كان متفقاً مع أبي بكر وعمر أن يلي الأمر بعدهما ولكنه مات قبل ذلك، وهذه دعوى يكذبون بها.
فالواجب إذاً أن يكون مقتضى المحبة والوَلَايَة أن يكون المؤمن عالماً بفضائلهم وأن يكون مدافعاً عنهم لأنَّ هؤلاء هم الصفوة، والله - عز وجل - يقول {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة:71] ، وقال صلى الله عليه وسلم «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» (?) وقال «المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يحقره» (?)
يخذله متى؟
في موضعٍ يحتاج فيه إلى نُصْرَتِهِ، فإذا وقع الناس في عرض خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو في عرض عائشة الصديقة بنت الصديق، أو في عرض عمر أو في عثمان أو أبي عبيدة أو نحوهم، فإنَّ الواجب أن يُنْتَصَرَ لهم، والانتصار لهم من الانتصار للدين لأنه انتصار لمن شهد الله - عز وجل - له وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم.