الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وعلى من اهتدى بهداه.

الأسئلة:

س1/ يقول: سمعت حديثاً أنه «ليس يتحسّر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة لم يذكروا الله تعالى فيها» (?) ، فهل هذا التحسُّرْ مما ينافي النعيم أو غير ذلك؟

ج/ لا يحضرني الحديث في تخريجه، وعلى القول أو على فرض ثبوته، فإنَّ التحسُّرْ في فوات المراتب العالية نقص ولكنَّهُ ليس عذاباً؛ لأنَّ الذي مُنِعَ أهل الجنة من أن يكون عليهم هو العذاب، أما النَّقص في النعيم بأنواعه، هذا حاصل، فإنَّ نعيم أهل الجنة ليس بمرتبة واحدة ولا بمنزلةٍ واحدة، يتفاوتون في النعيم البدني وفي النعيم البصري والسمعي وكذلك النعيم النفسي، يتفاوتون في ذلك بحسب مراتبهم، فإذا وُجِدَ التحَسُّرْ فهذا نقص؛ يعني بمعني فوت بعض النعيم، يعني يقولون: ليتنا ذكرنا الله ? في كل ساعة حتى تزيد أو ترتفع درجتنا.

س2/ يقول: عندما يتكلم العلماء على مسألة الزيادة والنقص في الإيمان يأتون بعبارات مثل: إنه متبعِّضْ، وإنه متفاضَل، وإنه يذهب بعضه ولا يذهب أصله، وإنه يذهب بعضه ولا يذهب كله. فهل هذه العبارات مقصودة أم أنها تدلُّ على مسألة الزيادة والنقص؟ أم أنها تدل على معنىً زائد عن الزيادة والنقص؟

ج/ الذي ينبغي على طالب العلم إذا درس مسألة من مسائل العلم أن يبتدئ بأصول المسألة ويستوعبَها جيّداً؛ لأنَّ الأصول والمسائل الأولى في العلم أو في أي مسألة من المسائل قبل الدخول في التفصيلات هي التي عليها بناء هذا الباب أو بناء هذه المسألة.

ولذلك قد يُكثر طالب العلم من القراءة فتدخل عليه مسائل في مسائل، خاصةً في العقيدة ويشتبه عليه التأصيل بالتفريق ويشتبه عليه المسائل التي هي عُقَدْ ويُبْنَى عليها العلم من المسائل التي هي من الإيضاح أو من اللوازم أو من الاستطرادات وأشباه ذلك.

الإيمان عند جمهور أهل السنة والجماعة يزيد وينقص، وزيادته دلّ عليها القرآن كما هو معلوم في قوله: {زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال:2] ، وفي قوله: {فَزَادَهُمْ إِيمَاناً} [آل عمران:173] ، وفي قوله: {وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً} [المدثر:31] ، ونحو ذلك.

وهذه الزيادة قال بها جميع أهل السنة؛ بأنَّ الإيمان يزيد، هذا إجماع من أهل السنة.

لكن هل ينقص أم أنه يزيد ويقف ثمّ يزيد مرة أخرى؟

عامة أهل السنة، جمهور أهل السنة إلا ما ندر يقولون ما زاد فإنه ينقص؛ وذلك لأنَّ سبب الزيادة وعلة الزيادة هي الإيمان، فدلّ على أنَّ النّقص علته وسببه هو ضد شعب الإيمان التي هي المعاصي، فإذا عصى الله ? نقص إيمانه وإذا عَبَدَ الله ? وتَقَرَّبَ إليه زاد إيمانه.

وهذا يدل عليه أيضا جمع من الأحاديث الصحيحة منها قوله صلى الله عليه وسلم: «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن» (?) ، وفي لفظ عند الإمام أحمد «إذا زنى الزاني خرج منه الإيمان فكان على رأسه كالظلّة، فإذا ترك ونزع عاد إليه» (?) ، وهذا يدل على أنَّ فِعْلَ المعاصي سبب في زوال بعض الإيمان، وهذا هو معنى النّقص. (?)

فإذاً الإيمان يزيد وينقص، هذا هو قول أهل السنة، يعني عامة أهل السنة، أكثر أهل السنة أو تقول كل أهل السنة إلا من ندر.

أما مسألة التبعض فهذه متصلة -تذكرون الإيمان متبعض- هذه متصلة بمسائل الزيادة والنقصان ومسائل الأسماء والأحكام، يعني أنَّ الإيمان ليس شيئاً واحداً، إما أن يأتي ويثْبُتَ كله، وإما أن يذهب ويزول كلُّه، لأنَّ هذا هو قول الخوارج ومن شابههم؛ في أنَّ الإيمان شيء واحد إما أن يُوجَدْ وإما أن يزول، هو شيء واحد لا يقبل التفاضل، وكذلك المعين، هذا من جهة الحكم، ومن جهة الأسماء فإنَّ من ارتكب المعصية فليس بمؤمن عندهم لأنه ارتكب ما يَذْهَبُ معه أصل الإيمان فليس بمؤمن.

فإذاً مسألة التبعض وأنَّ الإيمان يزيد وينقص، يتبعض، يذهب بعضه لا يذهب أصله، هذه المسائل متعلقة بمذهب أهل السنة والجماعة في الإيمان، ثُمَّ التبعض له علاقة بالأحكام والتكفير والأسماء التي تُطلق على مرتكب المعصية والكبيرة.

فإذاً قولك في الأخيرة: هل تدل على مسألة الزيادة والنقص أم تدل على معنى زائداً على الزيادة والنقص؟

لا هي تدل على معنى زائد على الزيادة والنقص، لكن لها صلة بالزيادة والنقص، لأنَّ منبع الزيادة والنقص ومنبع التبعض واحد وهو أنَّ الإيمان ليس شيئاً واحداً، وإنما الإيمان قد يأتي وقد يذهب قد يزيد وقد ينقص بحسب الحال.

س3/ يقول: قرأت كتاباً لأحد العلماء المعاصرين يقول فيه: إنَّ الوجه - وجه الرحمن- صفة ذاتية زائدة. فما المقصود بقوله ذلك؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015