[المسألة الثالثة: أن هذه العقيدة موافقة لعقائد السلف إلا في مسألة الإيمان]

[المسألة الثالثة] :

أنّ هذه العقيدة التي ذكرها الطحاوي - رحمه الله - بُنيت على مذهب فقهاء الملة:

أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن.

وهؤلاء عند أهل الحديث والأثر وافقوا السنة والجماعة في أكثر المسائل، لكنَّهُم خالفوهم في أصلٍ عظيمٍ من أصول الدين ألا وهو الإيمان، ولهذا أُطْلِقَ عليهم مرجئة الفقهاء.

فهُم مرجئة لأنَّ كلامهم في الإيمان كلام المرجئة لأنهم أرجَؤُوا العمل عن مسمى الإيمان، وقالوا (إنّ أهله في أصله سواء) ، وقيل لهم مرجئة الفقهاء؛ لأنهم فقهاء، اشتهروا بذلك.

فإذن يظهر من هذا التقديم أنَّ هذا المُؤَلَّفْ مبنِيٌّ على كلام أهل السّنة والجماعة بعامة، وعلى مذهب مرجئة الفقهاء في الإيمان بخاصة.

وهذا هو الواقع فِعلاً؛ فإنَّ كلامه في الإيمان هو كلام المرجئة.

فإذاً قوله (أهل السنة والجماعة) يُدخِل فيهم المرجئة؛ مرجئة الفقهاء.

وهذا منه يدل على أنَّ مدلول (أهل السنة والجماعة) يشمل أهل الحديث والأثر ويشمل الماتُريدية والأشاعرة، وهذا باطل.

وهذا القول صَرَّحَ به بعض الشُّرَّاحْ من المتقدمين ومن المتأخرين كالسَّفَّاريني في (لوامع الأنوار) (?) حيث قال في فصلٍ له (اعلم أنَّ أهل السنة والجماعة ثلاث طوائف؛ أهل الحديث والأثر والأشاعرة والماترودية) .

وهذا باطِلٌ؛ لأنَّ أهل السنة والجماعة هم الذين أخذوا بالسنة والجماعة في كل أصول المسائل.

وأعظم المسائل التي حصل فيها الاختلاف أولاً هي مسألة الإيمان ومسائل الأسماء والأحكام، فخالَفَ فيها الخوارج، كما هو معلوم، ثم تَبِعَ ذلك ظهور المرجئة إلى آخر ما حصل.

فإذاً هذه المسألة -مسألة الإيمان- من مسائل الأصول العظيمة فلا يكون من نفاها -يعني من نفى دخول العمل في مسمى الإيمان- على طريقة أهل السنة والجماعة أتباع الحديث والأثر؛ لمخالفة قولهم للنصوص الكثيرة الدالة على أنَّ العمل من الإيمان كما سيأتي تقريره في موضعه إن شاء الله تعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015