لأنَّهُ كل من قال في القدر قولاً؛ يقول مثلاً: إنَّ الله - عز وجل - كتب علي السيئات وجعلني أفعل الشر وكذا ثُمَّ يُعَذبني بالنار؛ لكنهم لا يتجاسرون أن يُحَكِّمُوا القضية المقابلة لذلك وهي أن يقول القائل: كذلك إذا جعلني أصلي جعلني أطيع الله - عز وجل - وجعلني أفعل من الخيرات، فلماذا يثيبني؟

والمسألة هذه بمقابل هذه.

فإذا قال القائل كتب علي السيئات فلماذا يعذب؟ فكذلك لابد أن يقول وكتب علي الخير فلماذا يُثِيْبْ؟

والإنسان بطبيعته يهرب مما هو عليه، فلا يُقِر على نفسه بما فيه مصلحته بأنَّ الخير الذي هو مصلحة له فيذهب ويسكت عنه؛ لأنَّهُ فيه مصلحة له.

لكن يأتي بما فيه مضرة عليه أو بما فيه تبرير لفعله ليهرب من الواقع.

والحقيقة أنَّ العقل الصحيح وإدراك الإنسان لنفسه وفطرته وضرورياته يَجِدْ أنَّهُ يفعل الخير اختياراً ويفعل الشر اختياراً، يفعل الخير فتنشرح نفسه له، ويفعل الشر فتنكره نفسه عليه؛ لأنه مفطورٌ على حب الخير وعلى كراهة الشر.

فإذاً اختياره دليل فطري في كل إنسان، مثل إحساس الإنسان، تحس بالشيء، الأعمى يحس ويقول هذا كذا ويستدل به ويكون مُتَيَقِّنَاً؛ لأن دليله صار ضرورياً، وكذلك يُحِسْ بالأمر الآخر فيكرهه لنفسه لأنَّ دليله صار ضرورياً.

نكتفي بهذا القدر. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015