وهذا القول مَنْشَؤُهُ -مع عِلْمِ هؤلاء بالدليل وبالنصوص- على وجه الاختصاص النظر في صفات الله - عز وجل -، وذلك أنَّ من المتقرر في النصوص أنَّ صفة الرحمة ذاتية ملازمة للرب - عز وجل -، والجنة من آثار رحمة الله - عز وجل - «أنت رحمتي أرحم بك من أشاء» (?) والنار أَثَرُ غضب الله - عز وجل - والغضب صفة فعلية اختيارية لا تنقَلِبُ إلى أن تكون صفة ذاتية كالرحمة، ولو بقي أثَرُ الغضب لبقي الأصل وهو الغضب، لو بقيت النار وهو أثر الغضب لبقي الغضب أبد الآبدين، وهذا يعني أنَّهُ أصبح صفة ملازمة، وهذا هو مأخذ هؤلاء الأئمة في هذه المسألة.

وهذا فيه بحث ونظر معروف في تقرير هذه المسألة؛ لكن من بَحَثَهَا وكثيرٌ من الناس كتبوا فيها لم يلحَظُوا علاقة المسألة في قول هؤلاء بصفات الله - عز وجل -، وهي أصلُ منشأ هذه المسألة.

قد قال ابن القيم (سألت ابن تيمية عنها فقال: هذه مسألةٌ عظيمة) (?) ، وذَكَرَ في موضع بعد أن ذَكَرَ أدلة الجمهور أهل السنة وأدلة هؤلاء، فقال في آخره: فإن قلت إلى أي شيءٍ انتهت أقدامكم في هذه المسالة العظيمة؟ قلنا انتهت أقدامنا إلى قول الله - عز وجل - {إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} [هود:107] .

ومما لا ينبغي أن يُخَاضَ في هذه المسألة؛ لكن لمَّا أوردها الشارح وهي مسألةٌ مشهورة عند طلبة العلم أَوْرَدْتْ عليها هذا التقرير الموجز وهي معروفة بتفاصيل من التعليل لقول ابن تيمية وابن القيم.

* ولم يُصِبْ من زَعَمْ أنه لا يَصِحْ نسبة هذا القول إلى الشيخين ابن تيمية وابن القيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015