[المسألة الثانية] :
الأمانة والخيانة متقابلان أيضاً، ويُعنَى بالأمانة هنا الوفاء بأمانة التكاليف التي أخذ الله - عز وجل - العهد من آدم عليها في قوله {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72] ، وأصح الأقوال في تفسير الأمانة هنا أنها أمانة التكاليف؛ يعني أن يَقْبَلَ أنه يُخَاطَبُ بالأمر والنهي، وبعد ذلك الثواب والعقاب.
والخيانة ضد الأمانة وهي عدم رعاية التكاليف، فَرَجَعَ الأمر إلى أنّ حقيقة الأمانة في معناها الواسع يرجع إلى التكاليف العَقَدِيَة وإلى التكاليف العملية، والخيانة ترجع إلى التكاليف العقدية -خان فيها- وإلى التكاليف العملية.
فالأمر إذاً فيه نوع ترادفٍ في معناه الواسع مع العدل والجور.
فأهل العدل والأمانة بالمعنى الواسع يقابلون كطائفة أهل الجور والخيانة، فهؤلاء يُحَبُّونَ وهؤلاء يُبْغَضُونْ، ومن كان فيه عدل وأمانة وفيه جور وخيانة فإنه يُحَبُّ من جهة ويُبْغَضُ من جهة.