ومنه أيضاً الأحاديث التي في خروج الخوارج وخلاف الخوارج للصحابة، وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتلهم، فقال في وصفهم «يمرقون من الدِّين كما يمرق السهم من الرمية، أينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم» (?) وذلك لمخالفتهم للسنة والجماعة.
كذلك قوله صلى الله عليه وسلم في أهل الأهواء «يتجارى بهم الهوى كما يتجارى الكَلَبُ بصاحبه لا يبقى منه مفصل أو عِرْقْ إلا دخله» (?) .
ومنه أيضا ما صحّ عنه صلى الله عليه وسلم بقوله «الجماعة رحمة والفرقة عذاب» (?) .
ومنه أيضا قوله «من أتاكم وأمْرُكُمْ جميع يريد أن يشق عصاكم فاقتلوه كائناً من كان» (?) .
ومنه أيضا دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ألا يَجْعَلَ بأس هذه الأمة بعضها ببعض قال «فمنعنيها» . ونحو ذلك من الأدلة التي تدل على هذا الأصل العظيم.
فإذاً هذا الأصل الأدلة عليه في منزلة التواتر لكثرة ما دلَّ عليه؛ بل هو أظهر أصول الشريعة، فإنَّ الخلاف والفُرْقَةْ عمَّا كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والجماعة الأولى هو حقيقَةً خلافٌ لرب العالمين واتّباع غير السبيل الذي يرضى عنه - جل جلاله -.
فإذاً هذا الأصل -كما ذكرنا في أول الكلام- ذَكَرَهُ الطحاوي؛ لأنَّ كل مسائل العقيدة يتفرع عنه.
وإذا تبين ذلك فنقول: إنَّ مسائل الاعتقاد التي يذكرها أهل السنة والجماعة:
- منها ما هو من سبيل المقاصد.
- ومنها ما هو من سبيل الوسائل إلى المقاصد.
- ومنها ما هو من سبيل المحافظة على المقاصد.
@ فأما الأول وهو المقاصد هي: أركان الإيمان الستة.
@ وأما الثاني وهو وسائل المقاصد فهي القواعد العامة في التلقي والأخذ لأنها لا يُحْفَظُ أصل إلا بدليل، بقاعدة.
ولهذا صار هذا الكلام هنا وهو قوله (وَنَتَّبِعُ السُّنَّةَ وَالْجَمَاعَةَ، وَنَجْتَنِبُ الشُّذُوذَ وَالْخِلَافَ وَالْفُرْقَةَ.) هذا له حكم المقاصد من جهة وله حكم الوسائل من جهةٍ أخرى؛ لأنَّ اتباع السنة والجماعة مقصد تعبُّدِي مطلوب {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النور:54] ، والثاني وهو اجتناب الشذوذ والخلاف والفُرْقَة هذا من وسائل المحافظة على أصول الاعتقاد.
وفي هذه الجملة مسائل: