: [[الشريط التاسع والعشرون]] :

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

الأسئلة:

س1/ يقول: إذا كان لفظ الحَنَفِي من ألْفَاظِ الأضداد التي تُطْلَقْ على الميل والاستقامة، فلماذا لا يقال من الأصل إنَّ إبراهيم عليه السلام كان مستقيماً على التوحيد ولا يقال مائلاً عن الشرك؟

ج/ لفظ (الحَنَفْ) في اللغة هو الميل، والحنيف يعني المائل، والرجل به حَنَفْ إذا كان به ميل في ساقيه أو في إحدى ساقيه، والأمور التي قال فيها العرب ونطقت العرب فيها بالأضداد؛ يعني أن تُطْلَقْ الكلمة وتُسْتَعْمَلْ في الشيء وفي ضده، هذا شائع في لغة العرب، وهو في اللغة يعني في اللّسان على نوعين:

- منها ما يُطْلَقُ على الشيء وعلى ضده ويُنْظَرُ فيه إلى التلازم؛ بمعنى أنَّ الشيء وضده متلازمان إذا وُجِدَ أحدهما وُجِدَ الآخر، ومن هذا الحنف، فيقال {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} [النحل:120] ، فَمَنْ مال عن الشرك فإنه لا يميل عنه إلا إلى التوحيد؛ لأنه ليس ثَمَّ إلا توحيد وشرك، {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات:50] ، إذا فررت من الكائنات فإنك تفر منها إلى مُكَوِّنْ الكائنات؛ لأنه ليس ثَمَّ إلا هذا وهذا.

- النوع الثاني أن يُطْلَقَ بلا إرادة التلازم؛ بل من باب التفاؤل تَارَةً ومن باب آخر أو من أبواب أُخَرْ تارات أخر، مثل أن يُسمى اللديغ سليم، فاللديغ معروف لكن العرب قد تقول له سليم من باب التفاؤل، فكلمة سليم تُطْلَقْ على السالم وتُطْلَقْ على المريض، أُطْلِقَتْ على المريض من باب التفاؤل.

وهذه لها تأثير في فقه اللسان العربي فالعرب تارةً تطلقا من باب التلازم وتارةً تطلقها من باب التفاؤل وتارة لا من هذا ولا من هذا، في فِقْهٍ لهم في هذه الألفاظ.

إذا كان كذلك فلفظ الحنيف الذي جرى عليه السؤال لا يُتَصَوَّرْ أن يكون المرء حنيفاً أو حَنَفِيَاً أو حَنِيفِيَاً إلا أن يكون موحّداً؛ لأنه إذا مال عن الشرك فإنه يميل عنه إلى الحق وهو التوحيد، حنيف عن أهل الشرك مائل عن أهل الشرك فإنه لابد أن يميل عنهم إلى أهل التوحيد، ولو كان مَنْ مَالَ إليه إبراهيم عليه السلام وحده فإنه مع أُمَّةْ وليس مع واحد، وهكذا.

فإذاً الأصل في هذه أنها من باب التلازم، الحَنَفْ من باب التلازم.

ومنها كلمة -أيضا يُطلقها أهل نجد وربما بعضكم سمعها، وليسوا أهل نجد جميعاً وإنما هم أهل الدعوة، العامة منهم في أول الأمر- يقولون نحن أهل العُوجه، ما معنى العوجه؟

العوجه هذا من أسماء كلمة التوحيد، أهل العوجه؛ يعني أهل التوحيد، أهل ملة إبراهيم، أهل الحنيفية؛ لأنها عوجه عن طريق الشرك إلى طريق أهل التوحيد، وهذا هو التفسير الصحيح الذي فيها، مثل ما جاء في حديث وصف النبي صلى الله عليه وسلم في التوراة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015