[المسألة الرابعة] :
اختلف العلماء في الخوف والرجاء هل يجب تساويهما أم يُرَجَّحُ أحدهما على الآخر على أقوال:
1- القول الأول: أن يُغلَّبَ جانب الخوف مطلقاً.
2- والقول الثاني: أن يُغلَّبَ جانب الرجاء مطلقاً.
3- والقول الثالث: أن يستوي عند العبد الخوف والرجاء.
4- والقول الرابع: التفصيل، ومعنى التفصيل أنّ الخوف قد يُغَلَّبُ في حال، وقد يُغلَّبْ الرجاء في حال، وقد يُطْلَبُ تساويهما في حال.
فَيُغَلَّبْ الخوف على الرجاء في حال أكثر المؤمنين؛ لأنَّ أكثر أهل الإيمان عندهم ذنوب فيُغَلِّبُونَ حال الخوف في حال الصحة والسلامة؛ لأنهم لا يخلون من ذنب والخوف يحملهم على ملازمة الطاعة وعلى ترك الذنب.
والرجاء يُغَلَّبُ في حال المرض لقوله صلى الله عليه وسلم «لا يمت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه» (?) - عز وجل - وللحديث أيضا الآخر الذي رواه البخاري وغيره «أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء» (?) ، فدل هذا على أنَّ رجاء العبد مطلوب وإذا كان في حال المرض المَخُوفْ أو في أي مرضٍ كان فيه فإنه يُغَلِّب جانب الرجاء على الخوف.
وفي حال يستوي فيه الرجاء والخوف، وهو في حال التَّعَبُّدْ، إذا أراد العبادة ودخل في العبادة، فإنه يخاف الله - عز وجل - ويرجو ربه - عز وجل -، يخاف العقاب ويرجو الثواب.
*وهذا القول الأخير هو الصحيح وهو الذي عليه أهل التحقيق.
ومن قال من أهل العلم أنَّهُ يُغَلِّبْ جانب الخوف مطلقا نَظَرَ إلى أنَّ حال أكثر المنتسبين حالهم على ذنب وعلى قصور فتغليب جانب الخوف في حقهم يَرُدُّهُمْ إلى الحق.
ومن قال يُغَلِّبْ جانب الرجاء دائما عمم قوله صلى الله عليه وسلم «قال الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء» .
ومن قال بالاستواء دائما نظر إلى قول الله - عز وجل - {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا} [الأنبياء:90] ، وكذلك قوله - عز وجل - {أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمْ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء:57] .
والتفصيل هو الصحيح لأن الأحوال تختلف باختلاف المقامات والناس.