[المسألة الثالثة] :
افترقت هذه الأمة في هذه المسألة العظيمة وهي مسألة التكفير إلى ثلاث طوائف.
طائفتان ضَلَّتَا، وطائفة هي الوسط وهي التي على سبيل الجماعة، وهذه الطوائف الثلاث هي:
1- الطائفة الأولى:
من كَفَّرَ بكل ذنب، وجعل الكبيرة مُكَفِّرَةً وموجبةً للخلود في النار، وهؤلاء هم الخوارج والمعتزلة وطوائف من المتقدِّمين ومن أهل العصر أيضاً ممن يَشْرَكُهُمْ في هذا الأصل والعياذ بالله.
2- الطائفة الثانية:
من قالت: إنَّ المؤمن لا يمكن أن يخرج من الإيمان إلا بانتزاع التصديق القلبي منه وحصول التكذيب، وهؤلاء هم المرجئة وهم درجات وطوائف أيضاً.
وهذا مبني على أصلهم في أنَّ الإيمان هو تصديق القلب فلا ينتفي الإيمان عندهم إلا بزوال ذلك التَّصديق.
وهذا أيضا غلط؛ لأدلة ربما تأتي إن شاء الله تعالى.
3- الطائفة الثالثة:
وهم الوسط الذين نهجوا ما دَلَّتْ عليه الأدلة، وأخذوا طريقة الأئمة التي اقتفوا فيها هدي الصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين، فقالوا:
إنَّ المِلِّيَّ والوَاحِدَ من أهل القبلة قد يخرج من الدين بتبديله في الدين ومفارقته للجماعة بقولٍ أو عملٍ أو اعتقادٍ أو شك.
وهذا هو الذي أورده الأئمة في باب حكم المرتد، وقالوا:
إنَّ هذا يدخل في تبديل الدّين الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم «من بدّل دينه فاقتلوه» ، ويدخل في قول الله - عز وجل - {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] آية البقرة ونحو ذلك، فدل ذلك على أنَّ المؤمن المسلم قد يحصل منه رِدَّةْ.
وهذه الردة لها شروطها ولها موانعها بتفصيلٌ لهم في كتب الفقه في باب حكم المرتد.
فعند أهل السنة والجماعة:
-لا يُتَسَاهَلْ في أمر التكفير بل يُحذَّرْ منه ويُخوَّفْ منه.
-وأيضا لا يَمْنَعُونَ تكفير المُعَيَّنِ مُطْلقاً؛ بل من أَتَى بقول كفري يخرجه من الملة أو فِعْلٍ كفريٍ يُخْرِجُهُ من الملة أو اعتقاد كفري يُخْرِجُهُ من الملة أو شك وارتياب يُخْرِجُهُ من الملة، فإنه بعد اجتماع الشروط وانتفاء الموانع يَحْكُمُ عليه العالم أو القاضي بما يجب من الردة ومن القتل بعد الاستتابة في أغلب الأحوال.