[المسألة الثانية] :
أنَّ (الأوْهَامُ) و (الأفْهَامُ) هذه عَبَّر عنها بقوله (لا تَبلُغُه الأوْهَامُ) في (الأوْهَامُ) ، وفي (الأفْهَامُ) قال (ولا تُدْرِكُهُ الأفْهَامُ) .
وهذا راجع إلى أن الوهَم - يعني ما يتوهمه الإنسان - غير ما يفهمه.
فالوهم راجع للخيال، والفهم راجع للأقيسة والمقارنات.
ولهذا الرب - عز وجل - لا يمكن تَخَيُّلُهْ، ولا يمكن أيضا أنْ يُفَكَّرَ فيه فَيُدْرَكْ.
وهذا معنى قول الله - عز وجل - {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام:103] سبحانه وتعالى.
(لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ) سبحانه، هنا الأبصار يأتي معنى البصر؛ هو سبحانه لا يحيط به البصر إذا رآه أهل الإيمان في الآخرة.
وفي الدنيا لا تدركه الأبصار أيضاً التي هي الرؤى والعيون، وكذلك الأبصار التي هي الأفهام والأوهام لا تدركه - عز وجل -.
فالفهم إذاً منقطع، والوهم إذاً منقطع.
ولهذا قال بعض السلف (ما خطر ببالك فالله - عز وجل - بخلافه) ، لم؟
لأنه ذَكَرْتُ لك أنّه لا يمكن أنْ يخطر ببالك ولا أن تتخيل إلا شيء مبني على نظرية المعرفة من قبل، وهذا مقطوعٌ يقيناً.
إذاً فصار الأمر أنّ إثبات الصفات لله - عز وجل - بأنواعها مع قَطْعْ الطَّمع في بلوغ الوهَم لها من جهة الكيفية والكُنْه، وكذلك من جهة إدراك الأفهام لتمام معناها، فمن الجهتين:
-كنه الصفة (الكيفية)
- وكذلك تمام المعنى.
هذا لا يمكن أن تبلغه الأوهام، ولا أن تدركه الأفهام.
نقف عند هذا القدر وهذه الجمل في أولها، مثل ما ذكرت لك راجع إلى مسائل مختلفة لا ينتظمها زِمَامْ، ويأتي بعد ذلك المسائل العقدية بتفصيلها إن شاء الله تعالى.