[المسألة الرابعة] :
الكُتُبُ التي أنزلها الله - عز وجل - على المرسلين اختلف العلماء هل يدخل فيها الصحف، أم أنَّ الكتب غير الصحف؟ على قولين:
- من أهل العلم من قال: الصحف هي الكتب.
- ومنهم من قال: لا؛ الصحف غير الكتاب.
ويَتَّضِحْ الفرق في صحف موسى عليه السلام والتوراة، فإنَّ الله - عز وجل - أعطى موسى عليه السلام صُحُفَاً وأعطاه أيضاً التوراة، فهل هما واحد أم هما مختلفان؟
خلاف:
- والقول الأول: أنهما واحد لأنَّ صحف موسى هي التوراة وهي التي كتبها الله - عز وجل - بيده.
- القول الثاني: أنَّ الصحف غير الكتب، وهذا القول هو الصحيح وهي أنَّ كتب الله - عز وجل - غير الصحف.
ويدل على هذا الفرق أنَّ الله - عز وجل - أعطى موسى صُحُفَاً عليه السلام وكَتَبَ له ذلك في الألواح كما قال {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [الأعراف:145] ، وأوحى الله - عز وجل - إليه بالتوراة أيضاً.
فقوله {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} [الأعلى:19] :
صحف إبراهيم: ذَكَرَ الله ما فيها في سورة النجم قال {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم:37-41] ، إلى آخره، فهذه كانت مما في صحف إبراهيم عليه السلام.
وفي صحف موسى: ما كتبه الله - عز وجل - له.
وأما التوراة: فهي وحْيٌ وكتَابٌ مستقل غير صحف موسى عليه السلام أوحاها الله - عز وجل - إليه.
صحف موسى بالذات وَقَعَ فيها الإشتباه من جهة أنَّهُ ظاهر القرآن أنَّ الله - عز وجل - كَتَبَ الصحف لقوله {وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ} ، وجاء في الحديث أنَّ الله - عز وجل - كتب التوراة لموسى بيده، فمن هذه الجهة وقع الاشتباه، هل هما واحد لأجل أن هذه كُتِبَتْ وهذه كُتِبَتْ.
والأظهر كما ذكرتُ لك من سياق الآيات في سورة الأعراف أن الكتب غير الصحف.