[المسألة الأولى: صفتي المحبة والخلة ثابتة للرب عز وجل بالكتاب والسنة]

[المسألة الأولى] :

الله - عز وجل - اتخذ إبراهيم خليلا، بمعنى أنه سبحانه وتعالى اتَّصَفَ بأنه أَحَبَّ إبراهيم عليه السلام، وأَحَبَّهُ حتى جعله خليلاً له وهو الحِبْ الخاص.

والمحبة هي القَدْرْ المشترك بين معانٍ كثيرة، وقد ذكر ابن القيم وجماعة أنَّ المحبة لها عشر مراتب وفصَّلُوها؛ لكن هذا لا يعنينا في هذا المقام، وإنما الذي يعني أنَّ الخلة أخص من المحبة.

فصفة محبة الرب - عز وجل - لعباده المؤمنين هذه ثابتة بالكتاب والسنة في أحاديث كثيرة وفي آيات كثيرة، كقول الله - عز وجل - {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54] ، فهذه محبة الرب - عز وجل - لهؤلاء، وكذلك في صفات من يُحِبُّهُم الله - عز وجل - قال {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة:222] ، ونحو ذلك {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف:4] .

فالمحبة صفة جاءت في أدلة كثيرة، كذلك في السنة كما في حديث سهل بن سعد المعروف أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا ذَكَرَ في فتح خيبر قال «لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله يفتح الله على يديه» (?) فكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

فصفة المحبة ثابتة، أما الخُلَّة فهي محبة خاصة، ولذلك كل من نَفَى المحبة فإنه ينفي الخُلَّة؛ لأنَّ الخُلَّة أخص، وليس كل من نَفَى الخُلَّة فإنه ينفي المحبة؛ لأنهم قالوا: إنَّ الخلة تتخلل النفس وفيها نوع من المعنى الذي لا يليق بالرب - جل جلاله -.

ولهذا نقول: إنَّهُ في صفات الرب - عز وجل - لما ثَبَتَتْ صفة المحبة بالكتاب والسنة فإنَّ صفة الخُلَّة واتخاذ إبراهيم عليه السلام خليلاً واتخاذ محمداً صلى الله عليه وسلم خليلاً كما في حديث «ولكن صاحبكم خليل الرحمن» (?) هذا في المعنى واحد لأنَّ أصل الصفة وهي المحبة ثابت باضطراد.

فالخلة محبة خاصة نثبتها كما جاء في الكتاب والسنة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015