[المسألة الثامنة: شرح معنى عدم إحاطة الخلق بالله]

[المسألة الثامنة] :

في قول الطحاوي رحمه الله (وَقَدْ أَعْجَزَ عَنِ الْإِحَاطَةِ خَلْقَهُ) الإحاطة المقصود بها: إحاطة الخلق بالله - عز وجل -.

فالخلق لا يحيطون بالله - عز وجل - لا بذاته ولا بصفاته.

والإحاطة لا تعني عدم العلم بالشيء وإنما تعني العلم الكُلِّي به أو الإحاطة به من جميع جهاته سواء كان من الصفات أم من غيرها فالله - عز وجل - أعظم وأجلّ أن يحيط به أحد من خلقه سبحانه وتعالى لا في ذاته ولا في صفاته؛ بل هو الذي يحيط بكل شيء سبحانه ولا يحيط به شيء، بل (أَعْجَزَ عَنِ الْإِحَاطَةِ خَلْقَهُ) يعني في قوله سبحانه {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} [الأنعام:103] ، ونحو ذلك من الأدلة.

الإحاطة ذكرنا لكم معناها -أظن في أول الكلام.

وحاصل المعنى أنَّ الإحاطة -يعني في اللغة- هي إدراك الشيء من جميع جهاته.

وقد يكون هذا الشيء معنىً وقد يكون ذاتاً.

فالله سبحانه وتعالى ذكر أنّ عباده لا يحيطون به علماً وهذا لكمال صفاته سبحانه وتعالى وعجز البشر عن أن يدركوا تمام صفاته.

ومن جهة اللغة إحاطة الذات كما في قوله - عز وجل - {أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا} [الكهف:29] ، يعني صار من جميع الجهات.

فإدراك الشيء من جميع جهاته المعنوية أو الذاتية يقال له في اللغة العربية إحاطة.

ولهذا سَمَّى بعض علماء الإختصاص البحار العظيمة محيطات لأجل المعنى اللغوي في أنها تحيط ببقع كبيرة من الأرض من جميع جهاتها.

الإعجاز: كونه - عز وجل - (أَعْجَزَ عَنِ الْإِحَاطَةِ خَلْقَهُ) هذا في الدنيا وفي الآخرة.

فالخلق لا يحيطون بالله - عز وجل - علماً في الدنيا، وكذلك المؤمنون إذا رأوه يوم القيامة فإنها رؤية بصر، رؤية عين، وليست رؤية إحاطة {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ} سبحانه وتعالى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015