[المسألة الأولى] :
أنَّ الحوض دلَّ عليه القرآن باحتمال، ودلَّت عليه السنة بقطع:
أما القرآن فدليل الحوض فيه قوله تعالى {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (?) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (?) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) } [الكوثر] ، وقد ثبت في الصحيح أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم فَسَّرَ الكوثر بأنه (حوض أعطاه الله إياه) (?) ، وهناك عدة تفاسير للكوثر منها أنه نهر في الجنة، وقد جاء أيضا أنَّ الحوض يُسْكَبُ فيه من الكوثر ميزابان يعني يغذونه بماء الكوثر.
وأما من السنة فقد تواترت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في وجود الحوض وفي صفته، وقد رواها عنه صلى الله عليه وسلم أكثر من خمسين صحابياً، ولهذا نقول: هي متواترة نقلاً ومتواترة تواتراً معنوياً، فجمعت بين نوعي التّواتر.
وهذا النقل جاء عن أفاضل الصحابة وعن أكمل الصحابة.
فمرويات الحوض ثابتة عن الصحابة عن أبي بكر رضي الله عنه وعن عمر وعن عثمان وعن علي وعن فقهاء الصحابة كابن مسعود وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأبي ذر إلى غير هؤلاء.
فجُلَّة الصحابة رووا أحاديث الحوض على خلاف بينهم في ألفاظها، والنّبي صلى الله عليه وسلم كان يكرّر الكلام عن أحاديث الحوض كما روى أبو داوود في سننه عن أحد الصحابة أنه قال (سمعته مرارا لا أقول مرة أو مرتين) (?) يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فكان يكرر الأحاديث في الحوض فلذلك حصل فيها بعض الاختلاف كما سيأتي فيما نستقبل.