[المسألة الثالثة: أهل السنة اختلفوا في رؤية الله عز وجل في الموقف: هل هي للمؤمنين وحدهم أم للمؤمنين والمنافقين أم للناس جميعا؟]

[المسألة الثالثة] :

أنَّ قول أهل السنة في الرؤية؛ أنَّ الرؤية حق لأهل الجنة وللمؤمنين في عرصات القيامة.

والرؤية التي للمؤمنين هي رؤية سرور وتلذذ وإكرام.

واختلف أهل السنة في رؤية الله - عز وجل - في الموقف:

- هل هي للمؤمنين وحدهم.

- أم للمؤمنين والمنافقين.

- أم للناس جميعا، على ثلاثة أقوال.

وكل الأقوال في مذهب أهل السنة - يعني قال بها طائفة -.

وكما قال الإمام تقي الدين ابن تيمية رحمه الله: إنَّ الخلاف في هذه المسألة -يعني هل يرى الكفار ربهم يوم القيامة أو لا يرونه؟ هل يراه المنافقون أو لا يرونه؟ - لا ينبغي أن تكون من المسائل التي يُشَدَّدُ فيها الخلاف؛ بل الأمر فيها خَفِي، هذا نص عبارته.

والمذاهب فيها كما ذكرت لكم ثلاثة:

- فجمهور أهل السنة والحديث على أنَّ الرؤية للمؤمنين في عرصات القيامة.

- وقال طائفة (?) للمؤمنين والمنافقين، وممن ذهب إلى ذلك ابن خزيمة كما نصًّ عليه في كتاب التوحيد

- القول الثالث: أنَّ الرؤية للجميع، للمؤمنين والمنافقين والكفار.

واستدلوا على ذلك بأنَّ الكافر يُحْجَبْ {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15] ، قالوا: فكونه حُجِبَ يومئذ دلَّ على أنَّه قبل ذلك لم يكن محجوباً؛ لأنَّ الكلام في الآخرة، وأما في الدنيا فالكل محجوب عن رؤية الرب - عز وجل -.

وهذه الأقوال جَمَعَتْ النظر في الرؤية.

ويبقى أنَّ رؤية الرب - عز وجل - نوعان:

1 - النوع الأول: رؤية إكرام ولذة ونعيم وإنعام وحبور وسرور، فهذه للمؤمنين في الجنة وللمؤمنين في عرصات القيامة، فهي من الطمأنينة لهم.

2 - والنوع الثاني رؤية حساب وتقرير وتعريف، فهذه هي التي يمكن أن يقال: إنها مرادة في حديث المنافقين فيما ثبت في الصحيح (أنَّ الله - عز وجل - يأتي الأمة وفيه منافقوها، ثم يأتيهم في غير الصورة التي رأوها من قبل، ثم يأمرهم بالسجود فلا يسجدون، فيقولون نحن هنا حتى يأتي ربنا، ثم بعد ذلك يكشف الرب عن ساق، فيعرفونه فيسجد المؤمنون، ويبقى من لم يكن مخلصا في الدنيا يريد أن يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا) (?) فهذا يدل على أنّ هذه الرؤية رؤية تعريف ورؤية حساب وهذا النوع من الرؤية لا ينبغي أن يكون الخلاف فيه؛ لأنَّ الحديث دل عليه.

فإذاً الرؤية التي نقول: إنه أجمع أهل السنة على أنها للمؤمنين هي رؤية التنعم والتلذذ، وفي ضمن ذلك رؤية التعريف.

وأما رؤية الله - عز وجل - للتعريف والحساب فهذه كُلٌ يراه بحسب حاله والله أعلم بكيفية ذلك وتفسيره.

أما الكفار فعامة أهل العلم إلا من شذَّ وقلَّ يقولون إنَّ الكافر لا يرى الله - عز وجل - لا رؤية تعريف ولا رؤية تلذذ من باب أولى؛ لأنَّ الكافر محل العذاب والنكال.

وأجابوا عن استدلالهم بقوله تعالى {كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين:15] ، بأَّن هذا استدلال بالمفهوم، بمفهوم (يَوْمَئِذٍ) ، (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) وهم محجوبون في الدنيا عن الرؤية وكذلك محجوبون في الآخرة عن الرؤية.

وكلمة (يَوْمَئِذٍ) ، ليس لها مفهوم كما قال - عز وجل - {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} [الحاقة:17] ، وكما في قوله {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنْ النَّعِيمِ} [التكاثر:8] ، وفي آيات كثيرة عُلِّقَتْ أشياء تحصل يوم القيامة بـ (يَوْمَئِذٍ) ، وقد يكون جنسها أو بعض أفرادها يحصل في الدنيا إما بالعموم أو بالخصوص.

المقصود من رد الاستدلال أنه كلمة (يَوْمَئِذٍ) ليس لها مفهوم، لا نفهم منه أنهم حُجِبُوا يومئذ فمعنى ذلك أنهم قبل ذلك يعني قبل الحجب يومئذ لم يكونوا محجوبين، بل كانوا محجوبين ثم صاروا محجوبين لكن توعَّدَهُم بين حالهم بقوله (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الجَحِيم) ، فحُجِبوا ثم صاروا صالين للجحيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015