الأسئلة:

س1/ يقول ذكرتم أنَّ العطف بالواو يقتضي المغايرة فهل فَصَّلتم أكثر وكيف تكون المغايرة في قوله تعالى {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ} [الحجر:1] ؟

ج/ أنا ذكرتُ لك أنَّ المغايرة نوعان: مغايرة في الذات، ومغايرة في الصفات.

مغايرة في الذّات: تقول هذا قلم وكتاب، هذان قلم وكتاب، خُذ القلم والكتاب، معلوم أنَّ القلم شيء في ذاته والكتاب شيء في ذاته، دخل محمد وخالد، هذا شيء وهذا شيء، فالعطف بالواو يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف عليه في هذه الأمثلة؛ مغايرة ذات، هذه ذات وتلك ذات، هذا له حقيقة وهذا له حقيقة، هذا له ماهية وهذا له ماهية.

النوع الثاني من المغايرة مغايرة في الصفات: أن يكون المعطوف والمعطوف عليه في الدلالة على مسمى واحد، ولكن يكون ثمة فرق ما بين الصفات، كما ذكر في المثال قوله تعالى {تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ} [النمل:1] ، الكتاب المبين هو القرآن، لكن العطف في اختلاف الصفات، فالقرآن سمي قرآنا لأنه صار مقروءا، وسمي كتابا مبينا لأنه يُكتب فيستبين به كل شيء كما قال {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل:89] .

فإذاً حقيقة المصحف في كونه قرآنا غير حقيقة المصحف في كونه كتاباً، فهذا وصف له وهذا وصف له كما ذكرنا في الآية {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ} [الحج:52] ، فالنبي والرسول قد يجتمعان في شخص واحد فيكون الرسول والنبي العطف لتغاير الصفات، يكون مقام النبوة غير مقام الرسالة كما نقول في نبينا صلى الله عليه وسلم نبئ بإقرأ وأرسل بالمدثر، وقد يكون هنا الرسول والنبي في الفرق ما بين الذاوت، الرسول واحد أحد المرسلين والنبي المقصود به نبي آخر، وهكذا في نظائرها.

مثل هذه المباحث ترجعون فيها إلى كتب اللغة ومن أمْثَلِها في الحروف كتاب مغني اللبيب عن كتب الأعاريب لابن هشام وأمثل الكتب في حروف المعاني.

الكتب التي في دلائل النبوة منها كتاب دلائل النبوة لأبي نعيم وقد طبع مختصرا في مجلدين معروف، ودلائل النبوة للبيهقي، ودلائل النبوة للبغوي، وفي كتب الحديث أبواب أو كتب تتعلق بدلائل النبوة.

س2/ ما معنى قول بعض السلف النبوة العلم والعمل، وهل هذا صحيح أم لا؟

ج/ الجواب أنّ هذا القول ليس بقول لبعض السلف بل قاله ابن حبان صاحب الصحيح وغُلِّطَ في ذلك وهُجِرَ بسبب هذه الكلمة؛ فإنه سُئِلَ عن النبوة فقال النبوة العلم والعمل.

وهذا كقول الفلاسفة؛ لأنَّ الفلاسفة عندهم أنَّ النبوة ليست اصطفاء واجتباءً واختيارا إنما هي كسبية يكتسبها الحكيم، هذا لما سئل ابن حبان رحمه الله وقيل له ما النبوة؟ فقال: العلم والعمل اتُّهِمَ بالفلسفة وكان رحمه الله ربما طالع بعض كتبها ولذلك صَنَّفَ كتابه في الصحيح على التقاسيم والأنواع، قالوا إنه تأثر بما في المنطق من الترتيبات ونحو ذلك، التقاسيم والأنواع كتاب ابن حبان معروف انه غير موجود ولكنه رتبه الفارسي ابن بلبان، وهو المطبوع رتّبه على الأبواب، ولكن نفس كتاب ابن حبان ليس على هذه البابة، لكن الواقع أن ابن حبان سليم مما رمي به رحمه الله فإنَّ تصنيفه للكتاب ليس مأخذه مأخذاً فلسفياً، ولكنه رأى طلاب العلم يعتمدون على ما في الكتب وتركوا الحفظ فصنف لهم كتابا جمع فيه صحيح السنة -بحسب رأيه، بحسب اجتهاده في التصحيح- وجعله غير مُبَوَّبٍ على الأبواب المعهودة حتى يُحْفَظْ رغبة في الحفظ وتوجيه الناس إلى الحفظ وإلزام الطلبة بالحفظ، ومعلوم أن حسن الظن بأهل العلم هذا أولى من إساءة الظن بهم.

وأما قوله النبوة العلم والعمل يعني أنّ النبوة فيها كمال العلم وكمال العمل، وهذا كما هو معروف في ذكر الشيء بأعظم صفاته كما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الحج فقال (الحج عرفة) (?) يعني مع بقية الأركان والشروط، فلا يَنْفِي أن النبوة وحي من الله - عز وجل - وأنها اصطفاء وأنّ النبي هو من أوحي إليه ونحو ذلك، لا ينفي ذلك وإنما ذكر الصفة التي يبلغها النبي؛ كمال العلم وكمال العمل، وهذه ليست إلا في الأنبياء، رحمه الله، لكن ليس بقولٍ هذا للسلف فلينتبه لذلك.

س3/ أشكل عليَّ قولك: النبي قد يكون على غير التوحيد قبل الرسالة؟

ج/ نعم النبي قد يكون على غير ذلك، فيصطفيه الله - عز وجل - وينبهه؛ يعني ما فيه مشكل في ذلك، قد يكون غافلا.

س4/ لم تذكروا ما إذا كان هناك رسول من الجن أولا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015