أولاً: نذكر الفرق بين الحلول والاتحاد: وهو أن الحلول: أن تحل الذات الإلهية -كما يقولون- في ذات أخرى، كما تقول النَّصَارَىفي المسيح، حيث يقولون: إن الألوهية حلت في المسيح. فعندما كَانَ يحي الموتى كانت الألوهية هي التي تحي الموتى -تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً-.

والاتحاد: أن تقترن ذات بذات حتى تصبح شيئاً واحداً، فالذين قالوا: إن الله في كل مكان يقولون: هو حال بذاته في هذه الأمكنة وهو قول الحلولية، أو يقولون: اتحد بهذه الأمكنة فأصبح شيئاً واحداً وهو قول الاتحادية.

فالمتكلمون الجهلة بصفات الله عَزَّ وَجَلَّ قالوا بالحلول في حق الله وأنه تَعَالَى في كل مكان.

أما أُولَئِكَ الذين قالوا بالاتحاد فهم أصلاً أصحاب نظرية الفناء الهندية الصوفية الذين قالوا: إن الله يُعبد ثُمَّ يُعبد ثُمَّ يُتَقْربُ إليه، وتصفى الروح تماماً بالزهد والعبادة والمشي في الفلوات وسكنى المغارات وغير ذلك، حتى تتحد بالذات الإلهية الواحدة وتصبح شيئاً واحداً.

ودين الصوفية أعظم شراً من النَّصَارَى، لأن النَّصَارَى قالوا: إنه تَعَالَى حل بالمسيح. وهَؤُلاءِ قالوا: إنه حل أو اتحد بكل شيء، فكل شيء هو عينه وهو ذاته، وفي ذلك يقولابن عربي:

العبد رب والرب عبد يا ليت شعري من المكلف

إن قلت عبد فذاك رب أو قلت رب أنى يكلف

وكما قال في أبيات أخرى:

فيحمدني وأحمده ويعبدني وأعبده

وكما قال في أبيات أخرى:

أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه فالحب ديني وإيماني

يعني: محبة الله أو العشق الإلهي المطلق، وهي محبة الزنادقة كما قال علماء السلف: (من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري خارجي، ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو المؤمن الحنيفي) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015