فأصبح قلبي حاوياً كل ملةٍ وكعبةُ أوثانٍ وديرٌ لرهبانِ
يعني أن جميع الأديان عنده سواء، فاليهود والمجوس والنَّصَارَى والْمُسْلِمُونَ كلهم يعبدون شيئاً واحداً، وكذا من يعبد الكلب والخنزير، ومن يعبد الشجر والحجر والكواكب، ليس هناك أي فرق لأن الموجود واحد، كما قال ابن عربي:
العبد رب والرب عبد ياليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك رب أو قلت رب أنى يكلف
أي ليس هناك تكليف نهائياً؛ لأنه إن كلفنا العبد فذاك رب، وإن كلفنا الرب فإنما يكلف العبد ولا يكلف الرب، فهذا هو دين القوم الذي يسمونه: توحيد خاصة الخاصة، ومن فروعه أنه لا فرق في التحريم والتحليل بين الأم والأخت والأجنبية لأن الكل واحد، بل هم اعترفوا ببعضه. فبعضهم لما أراد أن يزني بامرأة فامتنعت قال لها: الله أنا، وكلامهم موجود في مصادره. فسُبْحانَ اللَّه كيف ينتسب لهذا الدين من يقول هذا القول؟!
وأيضاً قالوا: الماء والخمر مشروب كله. ومن فروعه: أن الأَنْبِيَاء ضيقوا عَلَى النَّاس -تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- لأنهم جعلوا لنا عبادات وعقيدة معينة، فجعلوا طريق الله واحداً وغيره باطل، بينما كل الطرق تؤدي إليه، وكل العبادات صواب -كما يقولون والعياذ بالله- إذاً الأَنْبِيَاء ضيقوا وحجروا واسعاً!!
وابن سبعين -وهو من أئمة الصوفية الحلولية - ترجم له الذهبي وغيره، ومما ذكروا: أنه كَانَ يتعبد في مكة، وأقام بغار حراء فترة طويلة ينتظر الوحي.
وكان يقف بالطواف والنَّاس يطوفون ويقول: هَؤُلاءِ كالحمير التي تدور في الطاحون، فقالوا له: لم تتعبد عند الكعبة مادمت تقول هذا الكلام، فقَالَ: انتظر الوحي.
فقالوا: لا وحي بعد مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد انقطع الوحي.
فقَالَ: لقد ضيق ابن آمنة واسعاً.
فهذا دين القوم. نسأل الله السلامة والعافية.