ثُمَّ قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ: [لكن لا يلزم من نفي العلم بالتأويل نفي العلم بالمعنى الذي قصد المخاطب إفهام المخاطب إياه -ثُمَّ وضح ذلك فقال- فما في القُرْآن آية إلا وقد أمر الله بتدبرها، وما أنزل آية إلا وهو يحب أو أن يُعلم ما عني بها وإن كَانَ من تأويله ما لا يعلمه إلا الله، فهذا معنى التأويل في الكتاب والسنة وكلام السلف] .

إذاً مع قولنا: إن حقائق الأشياء لا يعلمها إلا الله، لكن هل يفهم من هذا أن معانيها لا تعلم؟ فهل نقول: الفاكهة أو الرمان والنخل والحور العين والأبكار واللحم والطير لا يعلم معناها؟ لا، ليس الأمر كذلك، فمعنى استوى نعلمه، ومعنى الجبار نعلمه، والقيوم والعزيز والحكيم كل هذه المعاني نعلم معناها؛ لكن حقائقها وكيفية اتصاف الله -عَزَّ وَجَلَّ- بها لا نعلمه، فالمهم هو: معرفة أن نفي العلم بتأويل -حقيقة- الشيء لا يعني نفي معرفة المعنى، فلا ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ولا متوهمين بأهوائنا.

لا يلزم من نفي العلم بالتأويل نفي العلم بالمعنى

ولا يلزم من نفي العلم بالتأويل نفي معرفة المعنى هذا أمر مهم جداً، فما في القُرْآن آية إلا وقد أمر الله بتدبرها.

فالمفوضة تقول: نَحْنُ لا نثبت أي معنى من هذه المعاني، فإذا قلت له: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] يقول: الله أعلم بمراده فلا أنفي ولا أثبت! يقول: لأن الله تَعَالَى يقول: وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا [آل عمران:7] ، فنحن نتبع سبيل الراسخين في العلم، فنؤمن بأنها آية في القرآن؛ لكن لا نؤمن بأن لها معنى ولا نفسر هذا المعنى، وهذا مذهب خطير جداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015