يقول المصنف: [ولا شك أن "رأى" تارة تكون بصرية وتارة قلبية وتارة تكون من رؤيا الحلم وغير ذلك، ولكن ما يخلو كلام من قرينه تخلص أحد معانيه من الباقي؛ وإلا لو أخلى المتكلم كلامه من القرينة المخلصة لأحد المعاني -الثلاثة- لكان مجملاً ملغزاً لا مبيناً موضحاً وأي بيان وقرينة فوق قوله: (ترون ربكم كما ترون الشمس في الظهيرة ليس دونها سحاب) فهل مثل هذا مما يتعلق برؤية البصر أو برؤية القلب، وهل يخفى مثل هذا إلا عَلَى من أعمى الله قلبه؟!] نسأل الله العافية فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46] فإذا عميت القلوب فإنها تعمى عن الأدلة الواضحة الجلية، ولا حيلة فيمن عمي قلبه عن فهم هذه النصوص، ولا نستطيع أن نهدي من أضل الله، والواجب عَلَى المتبصرين أن يقيموا الحجة عَلَى أهل العمى وأما هدايتهم وبصيرة قلوبهم فهي عَلَى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- متى أراد ومتى شاء الهداية منَّ بها عليهم، وإلا تركهم في ضلالهم يعمهون.

ثُمَّ يقول -رَحِمَهُ اللَّهُ-: [فإن قالوا: ألجأنا -أي: ألجأتنا قرينة عقلية- إِلَى هذا التأويل حكم العقل بأن رؤيته تَعَالَى محال لا يتصور إمكانها! فالجواب: أن هذه دعوى منكم خالفكم فيها أكثر العقلاء] ومن الذي قال لكم: إن العقل يحكم في هذه الأمور، وإنه المرجع لها؟! ثُمَّ كيف وقد جَاءَ النص بتقرير هذه الأمور؟!

إيمان الصحابة برؤية الله تعالى في الآخرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015