فالكلام الذي يقوله المصنف رحمه الله يرسم لنا منهجاً علمياً نظرياً يقول: [بل الواجب أن يجعل ما قاله الله ورسوله هو الأصل - في أي قضية نقول: ما قاله الله ورسوله هذا هو الأصل- ويتدبر معناه ويعقله ويعرف برهانه ودليله العقلي والخبري والسمعي] أي: نعرف دليل هذه القضية من الكتاب ومن السنة ومن العقل الذي يؤيدها ونستنبط أيضا حتى تكون قضية واضحة بين أيدينا، وبعد ذلك نعرض دلالته على هذا وهذا بتفاصيل تلك الدلالات، ثم نجعل أقوال الناس التي تخالفه أو توافقه متشابه مجملة، فهذا هو المعيار: أقوال الناس مهما كانوا نجعلها في حكم المتشابه المجمل الذي يحتمل الخطأ والصواب.

ثم نأتي بكلام الناس هذا ونعرضه على هذا المعيار السابق، فيقال لأصحابها: هذه الألفاظ تحتمل كذا وكذا، مثل الكلام الذي يأتي به هنا، فكلمة الجسم تحتمل كذا وكذا، وكلمة الجهة تحتمل كذا وكذا، فما وافق ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم قبلناه وما خالف ذلك رددناه، وسبق أن أوضحنا مسألة الجهة وقلنا: إن كان المراد بالجهة العلو فنحن نثبت أن لله جهة كما قال الله تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5] وهناك أدلة كثيرة جداً من العقل والفطرة على إثبات أن الله -سبحانه تعالى- فوق المخلوقات وإن أردتم بالجهة شيئاً وجودياً حيزاً محصوراً محدوداً، فلا نثبت هذا المعنى على اصطلاحكم ونأتي بالاصطلاح أو بالكلمة الشرعية لأنها لا تحتمل ذلك.

وكذلك لفظة الجسم: هل نثبت أن الله جسم أو غير جسم وكذلك هل هو مادة أو غير مادة، وهل هو جوهر أو غير جوهر؟ والجوهر اختلف فيه هل هو أصل الأشياء وخلقتها أم لا؟ يقولون: الجوهر هو: الحقائق، والأعراض هي: ما يقوم بالجواهر من الصفات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015