فيقول لهم المصنف -رحمه الله-: [ومن المحُال أن لا يحصل الشفاء والهدى والعلم واليقين من كتاب الله] فالله سبحانه وتعالى أنزل القرآن شفاءً لما في الصدور وأنزل فيه الهدى الكامل، والعلم النافع الذي لا يمكن أن يأتي الإنسان إلا من طريق الوحي، هذا العلم الذي لو اجتمع الإنس والجن لم يهتدوا ولم يصلوا إليه أبداً.

فالعلم الموجود اليوم في الأرض على كثرته ما هو في الحقيقة إلا بحث في الأمر الظاهر من الحياة الدنيا؛ كما الله تبارك وتعالى يقول عنهم: يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُون [الروم:7] فهم يبحثون في طبيعة المادة وفي الفلك وفي الإنسان وفي كذا وفي كذا.. أمور هي ظواهر فقط، ومع هذا فهم لا يصلون إلى شيء؛ بل كما قالوا بأنفسهم: إن العلم الحديث اليوم يمكن أن يفسر لك كيف، ولكنه لا يستطيع أبداً أن يفسر لك لماذا؟ ويسمونها في الفلسفة أو المنطق: العلة الصورية، والعلة الفاعلة، أو العلة الحقيقية، والعلة الصورية هي: ما تراه أنت علة في الظاهر، مثل الشمس عندما تسطع على البحار فيتبخر الماء فتتكون السحاب، هذه علة صورية.

وهذا في كيفية تكوين السحاب؟ لكننا إذا قلنا: لماذا الشمس وسيلة إلى هذا الشيء؟ ولماذا يرتفع السحاب بهذا الشكل؟ ولماذا يأتي فيمطر مدينة ويدع مدينة أخرى؟ لا يستطيعون ذلك، فهو يصف لك السحابة كيف مشت بسرعة من كذا إلى مكان كذا، فتكاثفت وحصلت الكهربائية في الجو، ثم سقط المطر. وصف طويل جداً كله في العلة الصورية في الشيء الظاهر. ولكن لماذا وقع؟ لا يوجد جواب، يقولون لك: أنت الآن نقلتنا إلى قضية فلسفية خارج إطار العلم، نحن ننظر في الموجود. والأمور والقضايا الفلسفية هي خارج نطاق المعامل والمراصد، فليست من شأن العلم والعلماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015