قَالَ: (حتى لا يدرى ما صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا نسك) أي يأتي قوم لا يدرون عن هذه الأمور وعن هذه الأحكام شيئاً، (ويسرى عَلَى القُرْآن في ليلة حتى لا يبقى منه آية) ، فيرفع القُرْآن من المصاحف ومن الصدور، حتى جَاءَ في رواية (أن الحافظ يلقى الرجل الذي كَانَ يحفظ القُرْآن كله أو بعضه فيقول له قد كنت أحفظ شيئاً أما الآن فلا أدري ما هو) نسأل الله أن يعافينا، وأن لا يدركنا ذلك الزمان المشؤوم، الذي يرفع فيه الهدى والنور والحق والبيان والشفاء من هذه الأرض، فذلك الزمان هو زمان شرار الناس، بين يدي الساعة وقبيل قيامها.

وفي آخره لما سأل التابعي حذيفة رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: (حتى لا يبقى إلا الرجل الهرم والمرأة العجوز يقولون: أدركنا من قبلنا يقولون: لا إله إلا الله فنحن نقولها) ، وفي هذا دليل عَلَى أنه لا يبقى من الإسلام إلا كلمة الشهادة، ولا يبقى عند هَؤُلاءِ النَّاس شيء إلا أنهم يعرفون أنه لا إله إلا الله، أما الصلاة والزكاة والصيام والنسك وكل الأمور المتعبد بها فلا يدرون عنها شيئاً، والقرآن ليس بينهم فلا يتلونه ولا يفقهون منه شيئاً.

(فقَالَ: ما تنفعهم لا إله إلا الله؟ قال حذيفة رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: تنجيهم من النار) في ذلك الوقت الذي لم يعد يدرى فيه عن الصلاة والزكاة ولا أي شيء من أحكام الدين إلا هذا، فمن أدركها فهو لم يدرك من الإسلام إلا هي فهو يقولها، فهذه تنجيه من النار، ثُمَّ إِلَى الله -عَزَّ وَجَلَّ- الأمر إما أن يعذبهم، ثُمَّ يخرجهم من النَّار كما هو حال الموحدين العصاة، أو أنهم يدخلون الجنة ابتداءً؛ لأنهم لم يدركوا غير ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015