فالكلام هنا وهنا حقيقة ككلام الله تَعَالَى مسموع معلوم محفوظ، فإذا قاله السامع فهو مقروء له متلو، فإن كتبه فهو مكتوب له مرسوم، وهو حقيقة في هذه الوجوه كلها وليس في شيء منها مجاز فهذه الفقرة لإيضاح أنه ليس فيه مجازاً، كما تقوله متأخرة الماتريدية والحنفية والأشعرية يقول المصنف: [والمجاز يصح نفيه] وهذه قاعدة مهمة وهي من أهم الأمور التي نستدل بها عَلَى إبطال المجاز، وأنه ليس في القُرْآن مجاز، وسيأتي إيضاحه إن شاء الله.
الرد على القائلين بالمجاز في كلام الله
إن البلاغيين الذين قالوا بالمجاز يعلمون أن أول من أحدثه وتكلم به هم المعتزلة بخلاف كلمة المجاز في لغة العرب قبل ذلك، فإنها تطلق بمعنى مكان العبور، أي: معبر تجوز منه وتعبر منه إِلَى مكان آخر، هذا أصله في اللغة.
ويقولون مثلاً: إذا دخل رجل كريم: دخل البحر، بمعنى الرجل الكريم أو الكثير العلم شبه بالبحر لكرمه أو لغزارة علمه، والمجاز يجوز نفيه، فيجوز أن يأتي أحدٌ ويقول هذا ليس بحراً، ولكنه رجل، وكلام هذا المعترض لنا صحيح، وكلام المتكلم صحيح مجازاً لكن كلام النافي صحيح وهذا هو الذي يهمنا؛ لأنه نفى ما قلته أنت عَلَى سبيل المجاز، وأثبت الشيء عَلَى حقيقته لأن هذا الرجل ليس بحراً، أي ليس ماءاً وإنما هو رجل.