فهم يعيبون أهل السنة ويسمونهم حشوية؛ لأنهم يقولون إن قراءتنا للقرآن لا تنفي عنه أنه كلام الله ولا يخرجه من كونه كلام الله. وكلام الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أزلي قديم، فيقولون: أنتم تقولون حروفكم أزلية، والمداد المكتوب به أزلي، إذاً: كل شيء أزلي حتى الكاتب فأنتم خرجتم وجئتم بكلام لا يقبله أي عاقل عَلَى الإطلاق.

ومقصود أهْل السُّنّةِ وَالْجَمَاعَةِ ليس هو هذا، وإنما مقصودهم: أن القُرْآن الذي نقرؤه نحن، سواء كَانَ مقروءاً بألسنتنا أو مكتوبا بأيدينا فهو غير مخلوق، ولا يعنون نفس الكتاب والمداد ونفس الحروف التي نخرجها من أفواهنا، وإنما يقصدون بذلك المضمون الذي هو القُرْآن نفسه كلام الله عَزَّ وَجَلَّ، فالإمام أحمد -رَحِمَهُ اللَّهُ- لا يريد هذا ولا ذاك، وإنما نقف حيث وقف السلف الصالح.

لكننا نفصل القول ونبين فنقول: من قال لفظي بالقرآن مخلوق ويقصد بذلك أن قراءته وحروفه أو أصواته مخلوقة، فهذا صحيح ومن قَالَ: لفظي بالقرآن مخلوق أي: أن القُرْآن مخلوق -ولا قرآن إلا هذا الذي نقرأه ونتلفظ به- وليس لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صفة التكلم وإنما كلامه الذي خلقه فينا أو في الشجرة أو غيرها فهذا جهمي.

وكذلك الذي يقول: إنه غير مخلوق، نقول: إن كَانَ يريد بقوله: غير مخلوق، الكلام النفسي، فهو غير مخلوق فهذا الكلام صحيح، وإن كَانَ يريد به كلامه وأصواته وقراءته هو له، فهذا مردود؛ لأن القُرْآن يطلق ويراد به القراءة، ويطلق ويراد به ما في المصحف الذي هو كلام الله (المقروء) .

وكلمة قرآن في اللغة العربية: مصدر قرأ يقرأ قراءة وقرأ قرءاناً، وجاء ذلك في شعر العرب كقول أحدهم:

يقطع الليل تسبيحاً وقرآناً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015