فنقول: أولاً: أننا لا نستطيع أن ننسب إِلَى الإمام أبي حنيفة كل كلمة وردت في كتابالفقه الأكبر، وإنما الراجح المؤكد أنأبا مطيع البلخي أدخل كلمات كثيرة ضمن كلام الإمام أبي حنيفة ومن الأدلة عَلَى ذلك هذه الكلمة (لفظي بالقرآن مخلوق) ؛ لأن الكلام في قضية اللفظ: هل يُقال مخلوق أو غير مخلوق؟ لم يحدث إلا بعد حدوث الفتنة بفترة، أي: بعد سنة مئتين وعشرة هجرية.
والإمامأبو حنيفة -رَحِمَهُ اللَّهُ- توفي سنة مائة وخمسين هجرية، فلا يمكن أن يتكلم الإمام أبو حنيفة بشيء لم يكن قد وقع الخلاف فيه بعد، وإنما حدث هذا الكلام في بداية أيام المعتزلة الأوائل الذين كانوا قبله أو معاصرين له، فبدؤا يثيرون هذا الكلام بينهم، ولكن لم يصل الأمر إِلَى حد أن يتعمقوا في مسائل خلق القُرْآن وعدمها إِلَى أن يصلوا إِلَى القول بأن اللفظ مخلوق أو غير مخلوق، إذاً: لا يصح ذلك عن أحد من الأئمة قبل وقوع الفتنة.
ثانياً: أن هذه العبارة تحتمل معنىً خطأً ومعنىً صواباً والإمام أَحْمَد -رَحِمَهُ اللَّهُ- يريد بقوله: "من قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي، ومن قال لفظي بالقرآن غير مخلوق فهو مبتدع" أن يقطع ويحسم المادة نهائياً فلا يقول أحد لفظي بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق ولهذا قال بعضهم: حيَّرنا هذا الرجل ماذا نقول؟ إن قلنا: مخلوق لا يرضى، وإن قلنا: غير مخلوق لا يرضى إذاً ما الذي يرضيه؟!
نقول: إن الذي يرضي الإمام أَحْمَد -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ويرضي علماء السلف هو ما يرضي الله ورسوله وهو أننا نقف عند كلام الله ورسوله ولا نزيد عليه.