فيريد المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ أن يقول إن الذين قالوا: إن كلام الله مخلوق بدون تحفظ، هم مخالفون لمجموع الأمة كلها، فإن أكثر الأمة يقولون: إن القُرْآن غير مخلوق، وإنما اختلفوا في مفهوم القُرْآن هل هو المعنى القائم بالذات، أو هو الألفاظ والمعاني معاً، أو الحروف والأصوات معاً، أو أنه بدا له الكلام بعد أن لم يكن متكلماً كما هو مذهب الكرامية.
ففي هذه العبارة إجمال: لأن أتباع الأئمة الأربعة وغيرهم قد انقسموا إِلَى من يقول إن القُرْآن مخلوق اللفظ والمعنى، وهَؤُلاءِ هم المعتزلة، وإلى الذين يتبعون السلف والأئمة الأربعة وهَؤُلاءِ يقولون: إن القُرْآن كلام الله ألفاظه ومعانيه غير مخلوق، ثُمَّ حدث الرأي الثالث.
وقد نص العلماء عَلَى أنه إذا اختلف السلف الصالح فقالوا قولاً وخالفهم رجل أو طائفة فأحدثت قولاً بخلاف ما كَانَ عليه السلف، وأصبحت المسألة عَلَى قولين، فإنه لا يصح لأحد أن يأتي فيحدث قولاً ثالثاً.
ولهذا نقول: إن الذين قالوا بالفرق بين الكلام المعنوي أو النفسي، وبين الكلام اللفظي إنما هم مبتدعة أحدثوا بدعة جديدة، لكن المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- كأنه يريد أن يقول: إن أهل السنة هنا بمعنى ما يقابل المعتزلة كذا، وتطلق بما يقابل الشيعة، فيُقَالُ:: قالأهل السنة كذا، وقال الشيعة كذا، وذلك كما ذكر شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية في منهاج السنة وفي غيره، لاشتهار الشيعة في مخالفة الحق وعدم اتباع السنة، فأصبح من لم يكن شيعياً فإنه من أهل السنة مع أنه قد يكون فيه من البدع ما الله به عليم.