يقول المصنف: [فنوحده بالتسليم والتحكيم والانقياد والإذعان] أي: نوحد الرَّسُول r بالتسليم والتحكيم والانقياد والإذعان كما نوحد الله تَعَالَى بالعبادة والخضوع والإنابة والتوكل فهما توحيدان لا نجاة للعبد إلا بهما قال جل شأنه: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُول لٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّه [النساء:64] وقال: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً [النساء:65] فهذا هو الواجب في حقه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا يحاكم إِلَى غيره ابتداء ولا يرضى بحكم غيره -إذا بلغه حكمه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإن كَانَ عالماً من أهل الاجتهاد من الصحابة أو ممن دونهم، لانقدم قول أحد منهم عَلَى قول رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نعم، له أجر الاجتهاد ولكن ليس له أجر الصواب؛ لأنه أخطأ عندما قال قولاً يخالف قوله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وإن كَانَ لهذا المعارض مصدراً آخر غير الدين وغير الاجتهاد كَانَ يكون كشفاً أو عقلاً أو فلسفةً أو منطقاً أو علوماً من العلوم التي قال الله عنها: فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ [غافر:83] علم النفس، أو علم الاجتماع، أو علم الاقتصاد، أو أي شيء قيل عنه: إنه علم فإننا نكذبه ونرده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015