فإذا آمنا وأيقنا أن الرَّسُول صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد بلغ الدين كاملاً ولم ينقص منه أي شيء، فيترتب عَلَى ذلك أنه إذا وضع أحد قواعد نفهم بها بعض الآيات، أو جَاءَ بإضافات وأعمال جديدة لم يشرعها النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقَالَ: هذه من حقيقة الدين، فمعنى ذلك أن هذا الإِنسَان يقول بلسان حاله -إن لم يقل بلسان مقاله- أن ما جَاءَ به النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ناقص، وأنه لم يبلغ البلاغ، ولم يؤدّ الأمانة التي وكلت إليه وحاشاه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك، لكن هذه هي حقيقة قولهم.
ومن ذلك التأويل الذي سيذكره المصنف.
بلاغ الرسول صلى الله عليه وسلم يستلزم المنع من وضع قواعد وإضافات ليست مستمده منه
فالذين وضعوا قواعد التأويل متفقون ومطبقون ومجمعون عَلَى أن هذا التأويل لم يعرفه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا الصحابة، ويقولون: هذا من أصول الدين التي يجب أن نتمسك بها، ويردون بها كثيراً من النصوص، ويحرفون بها معاني كثير من الآيات لأنها قاعدة ضرورية!
كيف تقولون إنه من أصول الدين مع قولكم: إن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يذكره ولم يتعرض له ولم يأت به؟!
فلازم كلامكم أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما بلغ، وقد خان الأمانة والرسالة عياذاً بالله، وبذلك نفهم أهمية توثيق قضايا العقيدة التي خالفت فيها الفرق، وترتيبها وإرجاعها إِلَى القضايا المحكمة.
ولذلك قال الشيخ مُحَمَّد بن عبد الوهاب رَحِمَهُ اللَّهُ في كشف الشبهات: "إن العامي الموحد يغلب الألف من الْمُشْرِكِينَ أو من أصحاب البدع ".
لأنه وإن كَانَ عامياً، وعلمه محدود، لكنه يرجع القضايا المشتبهة الشائكة التي يخوض فيها العلماء إِلَى قضايا واضحة وأصول وضوابط محكمة.