[صّ: 75] وقال النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن ربه -عَزَّ وَجَلَّ-: (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه) ولكن لا يقال لهذه الصفات إنها أعضاء، أو جوارح، أو أدوات، أو أركان، لأن الركن جزء الماهية، والله تَعَالَى هو الأحد الصمد، لا يتجزأ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى والأعضاء فيها معنى التفريق والتعضية، تَعَالَى الله عن ذلك، ومن هذا المعنى قوله تعالى: الَّذِينَ جَعَلُوا القُرْآن آنَ عِضِينَ [الحجر:91] والجوارح فيها معنى الاكتساب والانتفاع.
وكذلك الأدوات هي الآلات التي ينتفع بها في جلب المنفعة، ودفع المضرة، وكل هذه المعاني منتفية عن الله تعالى، ولهذا لم يرد ذكرها في صفات الله -تعالى- فالألفاظ الشرعية صحيحة المعاني، سالمة من الاحتمالات الفاسدة، فلذلك يجب أن لا يعدل عن الألفاظ الشرعية نفياً ولا إثباتاً، لئلا يثبت معنى فاسد، أو يُنفى معنى صحيحٌ. وكل هذه الألفاظ المجملة عرضة للمحق والمبطل] اهـ.
الشرح:
الألفاظ التي لم ترد في الكتاب والسنة وهي ألفاظ مجملة تحتمل معنيين: أحد المعنيين حق، والآخر باطل، فإننا لا نطلقها ولا نستعملها في حق الله -عَزَّ وَجَلَّ- لأننا إن استخدمناها وأردنا المعنى الصحيح، فإن غيرنا قد يفهم الاحتمال الآخر الباطل، وإن استخدمها أيضاً غيرنا في المعنى الباطل، ونفينا نَحْنُ ذلك المعنى، أو قلنا: له إن كلامك صحيح، فقد يفهم من ذلك إقرارنا معناه الباطل، ونحن إنما نقصد الإقرار للمعنى الذي في أذهاننا.
فنتيجة لهذا اللبس، فإن الإِنسَان لا يستعمل في حق الله تَعَالَى إلا الألفاظ الشرعية الواردة في الكتاب والسنة، ولا يعدل عنها إِلَى غيرها إلا لضرورة البيان، أو لما تقتضيه الحاجة، أو بأن نذكر اللفظ الشرعي، ثُمَّ نوضحه ونبين دلالته بأي معنىً آخر من المعاني التي يعبر عنها لغرض الإيضاح لمعنى اللفظ الشرعي لا بإحلال معنىً آخر محله.