يقول المُصْنِّف في تعليل الاستفصال من القائل بهذه العبارات البدعية: [لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإبهام كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي] هذا مع أن المعاني اللغوية تتفاوت، وهذه شبهة يجب أن نتنبه لها، وهي: أن بعض النَّاس يقول القُرْآن نزل بلسان عربي مبين ولغة العرب مفهومة، فلو أردنا أن نفهم معاني الصفات أو غيرها التي في القرآن، فلنرجع إِلَى لغة العرب، فنقول: هذا الكلام بإطلاق خطأ، لماذا؟

لأن مجرد الإحالة إِلَى اللغة، إحالة إِلَى أوجه واحتمالات لا ضابط لها، فلغة العرب أوسع اللغات، فإنه يقَالَ: إن للأسد خمسمائة اسم، وللشمس كذلك خمسمائة أو ثلاثمائة، وهكذا كثير من الأشياء، فاللغة واسعة. فإذا قلنا: نفهم القُرْآن كما يفهم من لغة العرب، فإننا سنجد أن الكلمة القرآنية أو النبوية لها عدة معانٍ في اللغة العربية.

فإذا أردنا أن نفهم القُرْآن فإننا نرجع إِلَى فهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو إِلَى تفسيره، وإلى فهم الصحابة وفهم السلف الصالح سواء كَانَ ذلك فهماً خاصاً تناقلوه من عند أنفسهم أو عن أثر مرفوع إِلَى الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فالفهم الذي فهموه لا نتعداه لأن عندهم اللغة وزيادة، ولأنهم أفصح العرب، فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه من أفصح العرب، وعندهم الوحي الذي علمهم الله ورسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياه، فلا نعدل عن أي معنى فهموه إِلَى أي معنى آخر، وإن كَانَ ذلك المعنى وارداً صحيحاً في لغة العرب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015